185

Fadar Sha'awa

قصر الشوق

Nau'ikan

وجاء صبي القهوة بأقداح القهوة والماء على صينية صفراء، فوضعها على ركن المكتب الذي يجلس حوله الصديقان، ومضى. وشرب محمد عفت شربة ماء، ثم قال: شرب الماء البارد في الشتاء لذيذ، ما رأيك في هذا؟ لكن فيم سؤالي وأنت من عشاق الشتاء الذين يستحمون كل صباح بالماء البارد حتى في هذه الأيام من فبراير ... الآن خبرني، هل أعجبتك أنباء المؤتمر الوطني الذي احتشد في بيت محمد محمود؟ عشنا وشفنا مرة أخرى سعد وعدلي وثروت في جبهة واحدة.

فتمتم السيد قائلا: ربنا من حكمته أنه يقبل التوبة. - إني لا أثق في هؤلاء الكلاب. - ولا أنا، ولكن ما العمل؟ الملك فؤاد طينها، ومن المحزن أن المعركة لم تعد بيننا وبين الإنجليز.

ثم مضيا يحتسيان القهوة في صمت إن دل على شيء فعلى أن الحديث العابر لم يعد له محل، وأن على محمد عفت أن يدلي بما عنده، واعتدل الرجل في جلسته، وخاطب السيد بلهجة جدية متسائلا: أعندك أخبار عن ياسين؟

انعكس السؤال في عيني السيد الواسعتين اهتماما مشوبا بقلق، وفي الوقت ذاته خفق قلبه خفقة مروعة، قال: خير! إنه يزورني من حين لآخر، وكانت زيارته الأخيرة يوم الاثنين الماضي، فهل من جديد؟ أمر يتعلق بمريم؟ لقد رحلت إلى جهة مجهولة، وعلمت أخيرا أن بيومي الشربتلي اشترى نصيبها في بيت أمها.

قال محمد عفت وهو يتكلف ابتسامة: الأمر لا يتعلق بمريم، من يدري لعلها غابت عن ذاكرته، المسألة دون لف أو دوران زواج جديد.

فخفق قلبه مرة أخرى فيما يشبه الفزع وهو يقول: زواج جديد؟ ولكنه لم يشر إلى ذلك بتاتا في أحاديثه معي.

هز محمد عفت رأسه آسفا، وقال: لقد تزوج بالفعل من شهر أو أكثر، حدثني بذلك غنيم حميدو منذ ساعة فقط، وكان يظن أنك تعلم كل شيء.

جعلت يسراه تعبث بشاربه بسرعة عصبية، ثم قال وكأنه يخاطب نفسه: لهذا الحد؟! كيف أصدق هذا؟! كيف أخفى عني الأمر؟ - الحال تقتضي الكتمان! أصغ إلي، لقد آثرت أن أكاشفك بالحقيقة قبل أن تفاجأ بها مفاجأة غير كريمة، ولكن لا يصح أن تعيرها أكثر مما تستحق، وينبغي قبل كل شيء ألا تستسلم للغضب، لم يعد الغضب مما تحتمله، اذكر تعبك الأخير وارحم نفسك.

فقال السيد يائسا: في الأمر فضيحة؟ هذا ما حدثني به قلبي، هات ما عندك يا سيد محمد.

هز محمد عفت رأسه آسفا، ثم قال بصوت منخفض: كن دائما أحمد عبد الجواد الذي عهدناه، لقد تزوج من زنوبة العوادة. - زنوبة!

Shafi da ba'a sani ba