ومست قلب حسام غصة لأن جعفر لم يخش أو لم يقل أنه خشي أن يغضبه هو أيضا، فقد كان يحب أن يرتبط اسمه بأسرة خالته، وقبل أن يجيب أحمد، خرج مصطفى باشا من غرفة التحقيق، وعلى وجهه فرحة متحفظة، وشخص أربعتهم إليه، وهو يقترب منهم، حتى بلغهم وقال: مبروك يا أحمد، لقد حفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة، ولكن ...
وقال أحمد: ولكن ماذا ؟ - أظن أن الأمن العام سيظل متحفظا عليك فترة أخرى.
وأطرق أحمد، ووجم السيد وحسام، وقال جعفر: المهم يا سعادة الباشا ... هل النيابة أمرت بالإفراج؟
فقال الباشا: نعم.
فقال جعفر: ألف شكر، لا تخف يا أحمد، كل شيء سيكون على ما يرام.
وقال أحمد في ثقة: نعم، أعرف، كل شيء سيكون على ما يرام.
واقترب الضابط الذي كان جالسا إلى جانب غرفة التحقيق، وأمر الشرطي حارس أحمد أن يتبعه والسجين، وفي صمت مشى الموكب حتى بلغ الباب الخارجي، ووقف الضابط أمام سيارة ذات صندوق كبير مغطى بالقماش، وقف الركب خلفه، وتقدم الشرطي إلى باب الصندوق الخلفي، ووقف بجانبه ناظرا إلى أحمد الذي صعد في سكون درج السيارة، وجلس في هدوء واطمئنان، وجلس الشرطي إلى جانبه، وصعد الضابط إلى جانب السائق، وأمره أن يسير، وانطلقت السيارة، وتبعتها عيون الشبان الثلاثة، حتى غابت عن الأنظار، فأفاقوا إلى وقفتهم، وسارعوا إلى سيارة حسام يركبونها صامتين.
الفصل الثلاثون
دخل الشبان الثلاثة القصر، فوجدوا وصفي باشا جالسا في البهو منكس الرأس، ووجدوا الاضطراب يسود القصر جميعا، حتى لم يلحظ أحد دخولهم، على رغم الأنباء المهمة التي يحملونها، ولم يرهم وصفي إلا حين اقترب ابنه منه يسأله: أبي، ماذا حدث؟
وانتبه وصفي إلى ابنه ورفع إليه عينين، رأى جعفر فيهما آثار اضطراب وحيرة، ولو أنعم جعفر النظر، ولو كان رأى أباه يبكي قبل اليوم، لأدرك أن ما بعيني أبيه آثار دموع، ولكنه لم يلحظ شيئا من هذا، وإنما شغله أبوه بسؤاله: ماذا فعلتم؟
Shafi da ba'a sani ba