وتعانقا، ثم دعاه إلى الجلوس، وقال: أهلا .. أهلا، غيبة طويلة ولكنها مبررة ومفهومة.
فقال الآخر باسما: طبعا .. شق حياة وبناء مستقبل. - لعلك بخير. - ولى الخير إلى غير رجعة.
هذا ما توقعه، وعليه أن ينتظر الأسوأ فالأسوأ، وسأله: لم لا سمح الله؟
فضحك الرجل ضحكة لا سرور فيها وقال: أنت رجل عاقل متفوق، اعترفنا لك بذلك، أخذت نصيبك لتجعل منه ركيزة عمل عظيم، حتى صرت من الشخصيات المرموقة، أنا لا أملك مواهبك، أحرزت نجاحا محدودا، وتهاونت مع الاستقامة، وتستطيع أن تستنتج الباقي، ضاع كل شيء، وما جاء من الحرام، ففي الحرام ضاع.
يا له من تذكير بالماضي وقح، ووعيد مضمر، وتمهيد سافر! اشتد امتعاضه، ولكنه تجاهل تلميحاته، وتظاهر بالأسف متمتما: أنباء مؤسفة! - في مأزقي ذكرتك فأنت نعم الصديق!
إنه يائس. وعلى قدر يأسه تكون خطورته. ولا بد مما ليس منه بد. وقال بنبرة جديدة حاضة على الصراحة: حدثني عن حاجتك؟
فقال الآخر جادا: يلزمني مال لأبدأ المحاولة من جديد، ولكنها ستكون محاولة مسبوقة بدرس قاس لا ينسى.
لم يخدع بأسلوبه الوعظي، وتكاثفت كآبته الباطنة فسأله: كم؟
فقال بجرأة مثيرة: عشرة آلاف.
هتف الرجل: عشرة آلاف؟! - هي نصيبي في مشروع ناجح، إن نقصت عن ذلك جنيها واحدا صارت كعدمها. - لكنه مبلغ ضخم جدا. - لا حيلة لي، اعتبره قرضا يرد بعد فترة سماح.
Shafi da ba'a sani ba