============================================================
القانسون السابع: مما يستعين به على شأنه أيضسا، أن يتحرى الحلال، ويقتصر منسه على القدر اليسير، فبذلك تتنور البصيرة، وتنشط الأمضاء، فإن الشبهة تعود على القلب بظلمة، وعلى الأعضاء بالكسل والتواني عن الطلب،. وأن الشبع كذلك، وقد قالوا: "لا يصلح العلم لمن ياكل حتى يشبع"، مع أن الشبع مجلبة للأمراض المعطلة عن الأخذ، مدعاة للتوسع في المال، وهو خلاف السنة، فقد قال تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا1، وقال كل: 153 (ما مذا آدمي وعاء شرا ون بطن حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه فإن غلبت الآدمي نفسه فثلت للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس)2 أو كما في الحديث، والخير كله في السنة، ولا خير في السرف، ولابد أن يكون في طبائع الناس، ومقتضى كفايتهم اختلاف، فلابد لكل واحد من الرجوع الى كفايته بحسب طبعه، وقوته وضعفه، وبحسب فعله، فليس المطالع والسامع كالدارس لطلب الحفظ والمدرس مثلا، وهذا كما يذكر الصوفية، من اختلاف أحوال العباد في الأكل.
الثامن: من ذلك أيضا، أن يتحرى من الأطعمة، ما يخف ويمين على الفهم، والحفظ وقوة الحاسة، ويجتنب كل ما يكون باذن الله سببا للبلادة او الضعف، أو كسثرة البلفم، وكلا النوعين معروف في الطب والعادة. فالأول كاكل الزبيب، ومضغ اللبان ونحوه، الثاني كالحوامض والباقلاء والألبان والسمك ونحو ذلك، وقد بلغنا أن الحافظ أبا بكر بن الأنباري3 رحمه الله، حضر مادية مع جماعة الفقهاء، فقدم صاحبها ألوان الطعام، وأكثر في ذلك، فامتنع الشيخ من الأكل، وقال لصاحب الدار: "أقل لي قلية" فخجل الرجل وقال: "يا 1 - الأعراف:31.
2- أحرحه ابن ماحة في كتاب الأطعمة، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع.
3- حمد بن جعفر ابن محمد بن الهيثم (ت: 360ه) وقد تحاوز التسعين. البداية والنهاية/11: 306.
Shafi 378