Ingila da Tashar Suways
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Nau'ikan
فلقد كانت إنجلترا تخشى أن تعتقد الدول الأوربية الأخرى أن إنجلترا بسيطرتها العسكرية في مصر تريد أن تسيطر وحدها على قناة السويس وتستغلها لصالحها الخاص.
فإنجلترا إذن ترى في ذلك الوقت أن مسألة القناة وحرية المرور فيها لكل السفن في كل وقت مسألة دولية تهم الدول جميعا، فالقناة قد أصبحت بعد افتتاحها مجرى عالميا، يربط بين جزئي العالم شرقيه وغربيه، تدير أمورها شركة وإن كانت مصرية فهي عالمية أيضا.
وكانت الحكومة الإنجليزية ترى أنها إذا ضمنت للدول حرية المرور في القناة، وأكدت صفة القناة الدولية، ربما لم تتسائل الدول عن موعد جلاء الإنجليز عن مصر، ولذا فهي من اللحظة الأولى، بعد استقرار سيطرتها بدخول جيوشها القاهرة، تعلن عن رغبتها في الدخول في مفاوضات مع الدول الأوربية لوضع نظام توافق عليه جميع الدول لضمان حرية المرور في القناة.
ولم تكن الحكومة الإنجليزية لترضى أبدا بحياد القناة، فهي تريد أن تفتح القناة دائما لحركة مرور كل السفن الحربية وغيرها في كل أوقات السلم والحرب، ولقد وجدت هذه الفكرة تأييدا من الباب العالي، الذي لم يعترف خلال المدة الباقية من القرن التاسع عشر بالاحتلال البريطاني، كان الباب العالي يعارض فكرة الحيدة أو الحياد بالنسبة للقناة وبالنسبة لمصر أيضا في كل مفاوضاته مع إنجلترا أو مع الدول الأخرى؛ لأن الفكرة تتعارض مع مبدأ سيادته على الأراضي المصرية، ولقد ظهر ذلك بشكل واضح أثناء مفاوضاته مع سير هنري درمندولف الذي أوفدته حكومة سولسبري إلى استامبول للنظر في أمر جلاء القوات الإنجليزية عن مصر 1885-1887 وكذلك في مناقشاته مع الدول لوضع نظام دولي لتأكيد حرية المرور في القناة.
واهتمام إنجلترا بالقناة وحرية المرور لم يكن ناشئا عن رغبتها في إرضاء الدول الأوربية الأخرى فحسب، وإنما وجدت إنجلترا أن أهم واجب تقوم به في مصر بعد احتلالها هو حماية مصالحها الخاصة الاستراتيجية والحربية، هذه المصالح الناشئة من وقوع مصر في ملتقى الطرق العالمية البرية والبحرية.
ولقد ظهرت رغبة إنجلترا في وضع نظام لتأمين حرية المرور في القناة مع الدول الأخرى في منشور وزير الخارجية الإنجليزية جرانفل إلى الدول الأوربية، والمؤرخ في 3 يناير سنة 1883، وفي تقرير لورد دفرن المؤرخ في فبراير سنة 1883.
ولقد قسم منشور جرانفل مسائل مصر إلى قسمين: مسائل تتعلق بالدول الأخرى، وضروري فيها موافقة الدول الأوربية الكبرى، ومسائل تختص بأمور مصر الداخلية، فمن المسائل الأولى مسألة قناة السويس، فيقول المنشور: كان من نتائج الحوادث القريبة توجيه انتباه خاص إلى قناة السويس؛ أولا: للخطر الذي كان مهددا لها في الفترة الأولى لنجاح الثورة، وثانيا: نتيجة لاحتلال القوات البريطانية لها باسم الخديو واتخاذها قاعدة للعمليات الحربية لمصلحة سموه وتأييدا لسلطته، وثالثا للموقف الذي اتخذته شركة قناة السويس في وقت خطير أثناء العمليات الحربية.
وبالنسبة للنقطتين الأوليين، تعتقد حكومة جلالة الملكة أن حرية الملاحة في كل الأوقات وعدم عرقلتها أو إتلافها بأعمال الحرب مسألة مهمة لكل الشعوب.
وإن من المعترف به أن الإجراءات التي اتخذتها «حكومة جلالة الملكة» لحماية الملاحة واستعمال القناة باسم الحاكم المحلي لغرض استرجاع سلطته، ليس بأي حال اعتداء على ذلك المبدأ العام.
ولتوضيح مركز القناة في المستقبل، ولاتخاذ التدابير ضد الأخطار الممكنة؛ فترى حكومة جلالة الملكة أنه لا بد من الوصول إلى اتفاقية بين الدول الكبرى، تدعى الدول الأخرى للموافقة عليها على أساس أن: (1)
Shafi da ba'a sani ba