فهذه عجالة يومية، ودلالة شهية، في الإشارة لشيء من الفتن الآتية، ليكون المراد بها على بصيرة منها بالأذن الواعية، والفكرة الساعية، وإن كان المعول في الإستقامة على تثبيت المولى لعبده، وإلهامه لما يكون سببًا لسعده. ولذا نسأله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويصرف قلوبنا التي هي في قبضة قهره وملكه (١) إلى ما يرتضيه من الخيرات المتظاهرة بادرت
_________
(١) يشير هنا إلى قول النبي ﷺ: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله ﷺ: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك".
رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ في كتاب القدر: (٤/ ٢٠٤٥).
وفي الباب عن أنس، والنواس بن سمعان، وعائشة، وأم سلمة، وجابر، وسبرة بن فاتك.
انظر: "مسند أحمد" بتحقيق الأرناؤوط: (١١/ ١٣٠).
وفي الحديث دليل على إثبات صفة الأصابع لله ﷿ على ما يليق بجلال الله وعظمته، قال البغوي ﵀: (والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله، وكذلك كل ما جاء في الكتاب والسنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى كالنفس، والوجه، والعين، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والإستواء على العرش، والضحك، والفرح ...
ثم ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، ثم قال: فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع، يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها، معرضًا فيها عن التأويل، مجتنبًا عن التشبيه، معتقدًا أن الباري ﷾ لا يشبه شيء في صفاته صفاتِ الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
وعلى هذا مضى سلف الأُمة وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا فيها العلم إلى الله ﷿ كما أخبر الله ﷾ عن الراسخين في العلم فقال ﷿: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧])، ثم ذكر ﵀ أقوال السلف في ذلك. "شرح السنة": (١/ ١٦٨ - ١٧١) باختصار.
والإيمان بأسماء الله وصفاته يتضمن عدة معان:
١ - إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ من الأسماء والصفات من دون تمثيل ولا تكييف، وهذا الإثبات ليس لمجرد الألفاظ الواردة، بل هو يتضمن إثبات معانيها اللائقة بالله ﷿، وهذا هو مذهب السلف ﵏، لا كما يزعمه مفوضة الأشاعرة بأن مذهب السلف هو مجرد إثبات ألفاظ لا معاني لها، فهذا جهل منهم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وجهل كذلك بمذهب السلف وكذب عليهم، فإن من ينسب ذلك لهم فإنه يزعم أن الله أخبرنا عن أعظم أمر في القرآن - وهو أسمائه الحسنى -
1 / 4