والسخاوي والسيوطي، وظهرت مؤلفات عظيمة لهؤلاء الأئمة وغيرهم ولا سيما في علوم الحديث من جمع وتصنيف وفهرسة وزوائد ونحوها.
لكن هذا العصر كغيره من العصور لم يخل من بعض الأخطاء الخاصة والعامة التي ورثها علماء ذلك الزمان عن سلفهم واستحكمت فيهم بسبب التقليد والدعوة إلى نبذ الإجتهاد وإغلاق بابه وإيجاب كل شيخ على تلاميذه الأخذ بأقواله وتحذيره لهم من أخذ أقوال علماء غيره ولا سيما من أقرانه، وقد نقل ابن حجر ﵀ عن بعض علماء عصره وصفًا لحال بعض العلماء في ذلك الزمان حيث قال:
إن الدروس بمصرنا في عصرنا ... طبعت على غلط وفرط عياط
ومباحث لا تنتهي لنهاية ... جدلًا ونقل ظاهر الأغلاط
ومدرس يبدي مباحث كلها ... نشأت عن التخليط والأخلاط
ومحدث قد صار غاية علمه ... أجزاء يرويها عن الدمياطي
والفاضل النحرير فيهم دأبه ... قول أرسطا طاليس أو بقراط
وعلوم دين الله نادت جهرة ... هذا زمان فيه طي بساطي (١)
وأهم سمات ذلك العصر العلمية والدينية:
١ - انتشار المدارس والعناية بها، وإنشاء المكتبات فيها، ووقف الأموال عليها من أجل استمرارها.
٢ - كثرة المؤلفات العلمية الضخمة، ولا سيما في علم الحديث والرجال.
٣ - انتشار الطرق الصوفية عند العام والخاص حتى عند علماء ذلك العصر، وقد بنيت لهؤلاء الصوفية الزوايا ووقفت عليهم الأوقاف، واعتقد الناس بهؤلاء المجانين أنهم أولياء، وأنهم يعلمون الغيب، وأن لهم تصرفًا في الكون، وأن من دخل الطريقة هدي، ومن لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه. ولا تستغرب
_________
(١) "الدر الكامنة": (٢/ ٧٢).
مقدمة / 26