هذه الحرفة جاحدة نوعا ما. دائما ما بخس التجار المؤلفين والناسخين حقهم. استغرق إتمام نسخ الإنجيل على الرق من الناسخ عامين من العمل الكادح. كم استغرقوا من وقت وعناء لينسخوا بطريقة سليمة باليونانية واللاتينية أعمال أوريجانوس وكليمندس الإسكندري، وكل هؤلاء المؤلفين الذين دعوناهم «الآباء»؟
ظلت قصائد هوميروس لفترة طويلة لا يعرفها إلا القليلون، حتى إن بيسيستراتوس كان أول من رتبها ونسخها في أثينا قبل خمسمائة عام تقريبا من زمن استفادتنا منها.
اليوم، ربما لا توجد عشر نسخ من الفيدا والزندافيستا في الشرق بأكمله.
ولم تكن لتجد كتابا واحدا في روسيا بأكملها في عام 1700م، باستثناء كتاب القداس وبعض الأناجيل القليلة في منازل رجال في عمر الشيخوخة سكارى من البراندي.
يشتكي اليوم الناس من الإفراط، لكن القراء لا يشتكون من ذلك؛ فالعلاج سهل؛ لأنه لا أحد يجبرهم على القراءة. لم يعد للمؤلفين أن يشتكوا. هؤلاء الذين يصنعون الجمهور يجب ألا يصرخوا بأنهم يسحقون. بصرف النظر عن الكم الهائل من الكتب، فما أقل ما يقرأ الناس! ولو قرأ المرء على نحو مفيد، فسيرى الحماقات المؤسفة التي يقدم عامة الناس أنفسهم فريسة لها كل يوم.
ما يضاعف عدد الكتب، على الرغم من قانون منع المضاعفة غير الضرورية، هو أنه بالكتب يصنع المرء كتبا أخرى؛ بمجلدات عدة سبق طبعها، اختلق تاريخ فرنسا وإسبانيا دون إضافة أي شيء جديد. كل القواميس تكتب بالاستعانة بالقواميس، وكل كتب الجغرافيا الحديثة تقريبا هي تكرارات لكتب الجغرافيا. أنتج جمع كتابات القديس توما ألفي مجلد ضخم في اللاهوت؛ وعائلة الدود الصغير نفسها التي أكلت الكتاب الأم تقرض الأبناء أيضا.
بوليفيرد أو بوليفارت
الطريق، الحصن، الساتر الترابي. تمثل بلجراد حصن الإمبراطورية العثمانية على الجانب المجري. من ذا الذي يصدق أن هذه الكلمة كانت تعني في الأصل فقط لعبة البولنج؟ كان أهل باريس يلعبون البولنج على عشب الساتر الترابي. كان هذا العشب يسمى «الفيرد» (الخضرة)، على غرار سوق الخضرة. كما نقول «وقف على الخضرة». ومن هنا تأتى أن الإنجليز - ولغتهم نسخة من لغتنا في معظم الكلمات غير الساكسونية - سموا لعبة البولنج «البولينجرين»، واسترددنا نحن منهم ما كنا أعرناه لهم. وجريا على مثالهم، نمنح اسم «بولينجرين»، دون أن نعرف قوة الكلمة، للمساحات العشبية التي استحدثناها في حدائقنا.
سمعت ذات مرة سيدتين خرجتا للمشي على البوليفيرد (التسمية الإنجليزية للمماشي الخضراء) وليس على البوليفارت (التسمية الفرنسية للمماشي الخضراء). سخر الناس منهما، وكانوا مخطئين. لكن العادة تسود في جميع الأحوال، وكل من يواجه العادة يزجر أو يستهجن.
بورجيز
Shafi da ba'a sani ba