إن كنت تفهم الترف على أنه الإفراط، فالجميع يعرفون أن الإفراط بأي شكل قاتل، سواء أكان إفراطا في الزهد أم في النهم، في الاقتصاد كما في الكرم. لا أعلم كيف حدث أنه في قريتي؛ حيث الأرض جحودة، والضرائب ثقيلة، وحظر تصدير الحبوب التي زرعها المرء لا يطاق، يصعب أن تجد مع ذلك زارعا ليس لديه معطف من قماش جيد، أو لا ينتعل جيدا، أو لا يتغذى جيدا. إن كدح ذلك الفلاح في حقله مرتديا معطفه الجيد من الكتان الأبيض، وشعره مصفف بشكل جميل، فهذا رفاهية زائدة عن الحد بالتأكيد، بل يعتبر شيئا غير ملائم بالمرة، ولكن أن يذهب أحد بورجوازيي باريس أو لندن إلى المسرح مرتديا زي فلاح، فسيعد هذا أشد التقتير سخفا وفظاظة.
حينما اخترعت المقصات، التي لا ترجع بالتأكيد إلى أقدم العصور القديمة، ما الذي لم يقله الناس ضد أول من قلموا أظافرهم، ومن قصوا جزءا من الشعر المنسدل على أنوفهم؟ عاملهم الناس قطعا وكأنهم متأنقون مبذرون اشتروا أداة تافهة بسعر مرتفع كي يفسدوا صنعة الخالق. يا لها من خطيئة رهيبة أن نقلم الأظافر التي جعلها الله تنمو على أطراف أصابعنا! كانت تطاولا على الألوهية! ازداد الأمر سوءا حينما ابتكرت القمصان والجوارب. يعرف المرء بأي غضب انتقد المستشارون الذين هرموا ولم يرتدوا هذه الأشياء قط القضاة الشبان الذين أدمنوا هذا الترف المدمر.
3
هوامش
تأمل عام عن الإنسان
يستلزم عشرين عاما إخراج الإنسان من الحالة النباتية التي يكون فيها داخل رحم أمه، ومن الحالة الحيوانية الصرفة التي تشكل معظم طفولته المبكرة، إلى الحالة التي يبزغ فيها النضج العقلي للشخص. واحتاج الإنسان ثلاثين قرنا كي يتعلم القليل عن بنيته، وربما يستغرق زمنا لا نهائيا لتعلم شيء عن روحه. أما قتله فيحتاج لحظة واحدة.
الرجل ذو القناع الحديدي
مؤلف «قرن لويس الرابع عشر»
1
هو أول من تكلم عن الرجل ذي القناع الحديدي في تاريخ موثق. والسبب هو أنه كان يعلم جيدا تلك الحكاية التي تدهش القرن الحالي، وستدهش الأجيال القادمة، وهي حقيقية مع الأسف. توهم بشأن تاريخ وفاة ذلك المجهول الفريد في نحسه. كان تاريخ تأبينه في كاتدرائية سان بول في الثالث من مارس عام 1703م، وليس عام 1704م (ملحوظة: طبقا لشهادة كتبها سان فوا، كان التاريخ 20 نوفمبر 1703م).
Shafi da ba'a sani ba