Kamusun Al'adu da Tarurrukan da Maganganun Masar
قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية
Nau'ikan
تأليف
أحمد أمين
مقدمة
في نحو سنة 1938 طلب مني أن أكتب سلسلة مقالات في مجلة الإذاعة فاحترت في اختيار موضوع تتعاقب مقالاته، وبعد ذلك هداني تفكيري إلى أن أكتب سلسلة مقالات في العادات والتقاليد المصرية بعنوان دائرة المعارف المصرية أرتبها حسب حروف الهجاء، فبدأت بحرف الألف، وبدأت من حرف الألف بالإبرة أذكر على الأخص عقائد المصريين فيها والأمثال التي قيلت فيها، واستمررت على ذلك نحو أربع عشرة مقالة ولما ينته حرف الألف، ثم شاء القدر أن أختار عميدا لكلية الآداب سنة 1939 فنصحني بعضهم ألا أستمر في هذه المقالات؛ لأنها تتنافى مع جلال العمادة، مع أنها كانت في اعتقادي أجل من عميد.
ومضت السنون وتركت العمادة، وأخيرا في نحو سنة 1948 سألني سائل: هل كتبت في مجموع مقالاتك هذه شيئا عن أبي علي وأم علي وما معناهما؟ فأجبته، وهاجني ذلك إلى أن أتم ما بدأت فأخذت أجمع الماضي وأكمله، واستغرق مني ذلك نحو أربع سنين، ورأيت صعوبات كثيرة في هذا الموضوع فلم أكن أعتمد إلا على الذاكرة غالبا، وساعدني أني تربيت في حارة بلدية تكثر فيها العادات والتقاليد، وقد منحني الله ذاكرة طيبة حفظت ما كان يجري أمامها حتى مع التقدم في السن، فأخذت أستذكر ما مضى، وكلما ذكرت عادة أو كلمة قيدتها من غير ترتيب حتى إذا تمت اجتهدت في ترتيبها، وعرفت إذ ذاك فضل الخليل بن أحمد لما بدأ يجمع معجمه «العين» لا عن مثال يحتذيه وسلك في ذلك مسلكا دقيقا بوضع الكلمة حسب مخارج الحروف وحذف المهمل منها، ولكني لم أفعل ذلك بل اكتفيت بتقييد ما أذكره.
ثم رأيت أن كلمة «دار المعارف» كلمة فخمة لا تتناسب وهذا الكتاب، فتواضعت وسميته «قاموس العادات والتقاليد المصرية».
وأخيرا كنت أجلس مع صديقي الأستاذ توفيق الحكيم فقص علي أن مستشرقا فرنسيا أراد أن يترجم كتاب «يوميات نائب في الأرياف» فوقف عند ترجمة كلمة «كوز ذرة» وتساءل: ما معنى كلمة «كوز» هنا ثم ترجمها بكلمة «كوب من الذرة» وبذلك انحرف عن المعنى الأصلي، فلفت ذلك نظري إلى أن هؤلاء المستشرقين وأمثالهم في حاجة إلى شرح التعابير الشعبية، فأخذت أجمع هذه التعابير وأشرحها ولكني وجدتها كثيرة جدا تحتاج إلى سنين في جمعها فاكتفيت منها بعرض نماذج وتركت لمن يأتي بعدي حصرها والبحث في إرجاعها إلى أصلها الذي أخذت منه، ثم رتبتها على حروف المعجم واضطررت من أجل جمعها إلى مطالعة في كتب كثيرة شعبية، هذا إلى ما وعته الذاكرة.
وفي الحق أني أعتقد أن المؤرخين قد قصروا فأهملوا الجوانب الشعبية عند كتابتهم التاريخ اعتزازا بأرستقراطيتهم، مع أن الأدب الشعبي - في نواح كثيرة - لا يقل شأنا عن اللغة الفصحى وأدبها، سواء من حيث فنها أو من حيث دلالتها على حالة الشعوب.
لم أستقص العادات والتقاليد المصرية في جميع عصورها؛ لأن هذا عمل شاق طويل، بل اكتفيت بها في العصر الحديث الذي عاصرته أو سبقني بقليل.
وقد أقدمت عليه وأنا وجل؛ لأنه موضوع جديد أظن أني لم أسبق إليه، والجديد عادة غريب، وأنا أعتقد أنه فتح باب يكمله من يأتي بعدي، وقد دعاني إلى تأليفه ما رأيت من عادات وتقاليد وتعابير كانت حية في زمنها ثم أخذت تندثر حتى إن أولادي قل أن يعرفوا منها شيئا، فالمؤرخ في حاجة شديدة إلى تدوينها والانتفاع بها.
Shafi da ba'a sani ba