ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾، والعُدْوَانُ: مُجَاوَزَةُ الحدِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قِتَالَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْنَا عُدْوَانٌ (١)، ويدُلُّ عَلَيهِ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا، فَدَلَّ عَلَى أنَّه لا يحوز الزِّيَادَة.
وَقُوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾، وَلم يَقُلْ: قَاتِلُوْهُمْ، أَمْرٌ بِقَتْلِ مَنْ وُجِدَ مِنْ أَهْلِ القِتَالِ حَيثُ وُجِدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طَائِفَةٍ مُمتنِعَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾، وَالْفِتنَةُ: أَنْ يُفْتَنَ المُسْلمُ
(١) قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (٢/ ٥١٣): (إن الله ﵎ يقول في كتابه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، فأمر بقتال الذين يقاتلون، فعلم أن شرط القتال كون المقاتل مقاتلًا) وقال في السياسة الشرعية ص (١٠٤): (لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله، كما قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾).