Kafin Fashewar Dutse Mai Aman Wuta
قبل انفجار البركان
Nau'ikan
يظهر لي، يا أخي إلياس، أنك ماروني وتخاف على حقوق الطائفة من الملل والشعوب، فمم تخاف بعد؟! ألم تقرأ في الصحف كلمة بطريرككم؟ فهو يصرح: أنه بعد درس عميق اتضح لي أن الدينين واحد، وقد قال من قبل: إذا رأيتم متعصبا لطائفته فاصفعوه ...
قال لي مرة البطرك إلياس: إذا لم أذهب أنا إلى الجامع ويأتي صاحبك مصطفى نجا إلى الكنيسة فلا يصير شيء مما تدعو إليه. فتسميتك ابنك محمد لا تقدم ولا تؤخر ولا تحل القضية.
فتشجع إذن يا أخي إلياس؛ فقد قضي الأمر الذي به تستفتيان، فكم من دول توالت علينا وعشنا في عهودها موفوري العيش، وما كانت تلك الدول إلا إسلامية. المسلمون طيبون يا إلياس، إن دولة لبنان علمانية، والشارع لا ينص على وجوب كينونة الرئيس الأعلى مسيحيا، فلماذا لا نتحرر! فلنفرض أنها قناة السويس؛ فقد أممت وما وقعت السماء على الأرض.
الدستور لم يكتب بإصبع الرب، وهب أنه من شرايع الكنيسة، أما عدلوها بعد مرور بضعة عشر قرنا عليها؟ أما كان جدي الخوري لا يقدس إلا على ريق بطنه، ومنذ سنتين حلوا الناموس فصار الكاهن يفطر ويقدس، ويتغدى ويقدس، ويتعشى ويقدس، ويسهر ويحضر حفلة كوكتيل ويقدس، فهل دستورنا المكرم بهذه القداسة؟! أم هل الطائفية التي ترفع أناسا على ظهر ناس هي أعظم قدسية!
يا الله ما أغفلنا! أنتمسك ساعة نشاء بالعرف، ونترك الشرع ساعة يلايمنا الترك؟ وما زالت الدويلات - مهما صغرت - بمأمن من الاعتداء على كيانها، فلماذا لا ننتزع القيود الصدئة من دستورنا؟!
أتكلم وكأن في دستورنا مادة تفرض طائفية الرئاسة علينا، مع أنه لا شيء فيه من هذا. فلنتحرر. فلنكب الزيت كبا على دولاب الدولة؛ ليدور، فالصلاحيات التي انتهت إلى رئاستنا لم تعد تتفق مع واقعنا، وهي والطائفية أصل البلاء.
أقول لك هذا ولا أبالي، وأقول: إننا في حاجة إلى الدقة العظيمة، في جميع شئوننا، من الميزانية إلى الأوقاف المتروكة تحت رحمة أفراد يعجز أذكى شيطان عن إدراك ما يفعلون. والأمر كان أهون لو كان الاتفاق سائدا بينهم، إنهم كجميع البشر في خصام دائم، يبغض بعضهم بعضا، ويكيد بعضهم للبعض الآخر.
مرتا مرتا! أنت مهتمة بأمور كثيرة والمطلوب هو واحد، وذلك المطلوب هو أن نرضي أهلنا، ومحاسيبنا، وأنصارنا ليلتفوا حولنا في الانتخابين: الصغير الكبير ... ومتى كانت هذي هي الغاية من النيابة فحضورنا - عند اللزوم - أكثر من كاف.
خمسون عاما وأكثر قضيتها أنا، يا إلياس، أشهد معاركنا السياسية. فلا خلاص لنا، ولا نماشي الأمم والشعوب، إلا إذا جعلنا دولتنا علمانية فعلا، لا اسما كما نحن اليوم. أعلمانية وطائفية على صعيد واحد!
شهدت دولة بني عثمان وسقوطها، وانتداب الفرنسيين وزواله، والحرب الأولى ومجاعة لبنان فيها، والحرب الثانية، والثالثة لولا قليل، وفي كل هذه السنين، لم يسكت قلمي ولا لساني، ولم أر في زمان ما، مثلما رأيت في هذا الزمان، من إثراء لا حد له. ألا نخجل حين نقرأ أن السر أنطوني إيدن يعود بعد اعتزاله الحكم إلى التفتيش عن عمل في مجالس إدارة الشركات؛ ليؤمن مصير حياته! بينا نراهم عندنا يبنون قصورا، ويمتلكون المزارع! حقا؛ إن جماعتنا حكماء يحسبون حساب آخرتهم، ثم فليكن بعد ذلك ما يكون، فمن بعد حمارهم لا ينبت العشب. ولكي نكون منصفين، فمن حق الحكام علينا، أن نقر لهم بازدهار البلاد وتقدمها في أكثر الميادين.
Shafi da ba'a sani ba