Qabas Fi Sharh Muwatta Malik

Abu Bakr ibn al-Arabi d. 543 AH
94

Qabas Fi Sharh Muwatta Malik

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

Bincike

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

Mai Buga Littafi

دار الغرب الإسلامي

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٩٩٢ م

Nau'ikan

حقيقة: خلق الله العبد حيًّا داركًا مفكرًا قادرًا في أحسن تقويم، ثم رده أسفل السافلين، ثم سلَّط عليه السهو والغفلة ليتبين قصور هذه الفضائِل التي فيه حتى لا يقول أنا وأنا، وسلّط عليه النوم وهي آفة تدرك الحواس وركود يقوم بالجوارح لا يلحق القلب ولا الروح ولا النّفس منها شيء، ولذلك قال علماؤنا، ﵃، إن الرؤيا إدراك حقيقة وعلم صحيح، والمرء في يقظته ومنامه لا ينفكّ عن حاله التي هو عليها، إن كان في اليقظة في تخليط وتلاعب مع البطالين انتقل إلى مثل ذلك في المنام، وإن كان في يقظته في العلم والتحقيق انتقل إلى مثل ذلك في المنام. فلقفه ملك الرؤيا إلى نفسه وألقى عليه مثل ما كان فيه من التحقيق. لكن الرؤيا أكثر حقا لأنها أقرب إلى الله، ﷿، ولأنها تأتي بواسطة الملك وليس عنده إلّا الحق فلذلك كانت جزءًا من النبوة (١)؛ لأن الملك يلقيها إلى كل عبد ولأجل ذلك كانت بشرى لأنها خبر من الملك عن الله، ﷿، ونظيرها في اليقظة الفأل (٢)؛ فقد كان النبي ﷺ، يصغي إليه ويعوِّل عليه. ولكن الفأل أدنى منزلة إذ يكون من طفل وامرأة ومؤمن وكافر في دار الشّعوب (٣)، وهي اليقظة، والرؤيا تكون من الملك محصلة في حالة الخلوص. لكن لغلبة الشهوات بالآدميين، واستيلاء الغفلات علي العباد، والإقبال على شهوة البطن والفرج. قد يقع العبد من النوم في غمرة فلا يرى شيئًا حقيقة ولا خيالًا يكون نسبة تلك الغفلة في المنام نسبة السكر والوَلَه في اليقظة، وهذه الصبابة تكفي من بحر الرؤيا إذا ثبت هذا فالنبي ﷺ، في حكم الآدمية وجبلة البشر مطهر عن ذلك كله وعن أسبابه في ابتدائه وفي مآله، وكيفما اختلف حاله من نوم أو يقظة في حق وفي تحقيق ومع الملائكة في كل طريق، إن نسى فتأكد من المنسي اشتغل وإن نام فقلبه

(١) متفق عليه: البخاري في التعير باب رؤيا الصالحين ٩/ ٣٨، ومسلم في الرؤيا ٤/ ١٧٧٤، والموطَّأ ٢/ ٩٥٦ كلهم عن أَنَس بن مالك أن رسول الله، ﷺ، قال: "الرؤْيا الحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جِزْءٌ مِنْ سِتَّةِ وَأَرْبَعِينَ جِزْءًا مِنَ النبوَّةِ" لفظ البخاري وساقه مسلم عن أنس عن عبادة بن الصَّامت. (٢) ورد عند الشيخين من حديث أنس، ﵁، عن النبيّ، ﷺ: (لا عَدْوَى وَلَا طيرَةً وُيعْجِبُنِي الفأْلُ الصَّالِحُ وَالكَلِمَةُ الحَسَنَةُ) البخاري في الطب باب الفأل ٧/ ١٧٥، ومسلم في كتاب السلام باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم ٤/ ١٧٤٦. (٣) الشغب والتشغيب تهييج الشر وتشغبهم وتشغب عليهم كمنع وفرح وهيَّج الشر عليهم وهو شغاب ومشاغب وشاغبه سار. مختار القاموس ٣٣٣. وانظر ترتيب القاموس ٢/ ٧٣٥.

1 / 100