358

Qabas Fi Sharh Muwatta Malik

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

Bincike

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

Mai Buga Littafi

دار الغرب الإسلامي

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٩٩٢ م

Nau'ikan

تقدم بيانه. فمن فضائل النهار تعاقب الملائكة ومن فضائل الليل نزول الربِّ إلى سماء الدنيا (١).
وأما سؤاله تعالى: كيف تركتم عبادي؟ فليس بسؤال استخبار فإنه أعلم بهم، وإنما هو سؤال تشريف يشرّفهم بذكرِه. قال النبي، ﷺ، لأُبيّ بن كعب: (إِنَّ الله أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ فَقَالَ أَوَذُكرْتُ هُنَاكَ وَذَرَفتْ عَيْنَاهُ) (٢).
فقول الملائكة: تركناهم وهم يصلون، فيحب الباري تعالى أن يسمع ذكرهم بالطاعة. قال أهل الإشارة (٣): ذلك لتقوم الحجة على الملايكة حين قالوا ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ (٤).
حديث "مرُوا أَبا بَكْرٍ فَلْيُصلِّ بِالنَّاسِ" إلى آخره، قَالَتْ عَائِشَةُ لِحَفْصَةَ: إِنَّ أبا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسَيْفُ (٥)، فَمُرْ عُمَرَ، فَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ صلَّى فَأَفَاقَ النَّبِيُّ، ﷺ، مِنْ غُمْرَتِهِ وَسَمَعَ صوْتَ عُمَر فَقَالَ: مَا هذَا؟ قِيلَ: عُمَر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَأْبَى الله ذلِكَ والمُسْلِمُونَ، ثَلَاثًَا، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَأَعَادُوا عَلَيْهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ إنكُنَّ لأنْتُنَّ صَوَاحِبَ يُوسُفَ" (٦).

(١) انظر ص ٢٨٦.
(٢) متفق عليه البخاري في تفسير سورة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ٦/ ٢١٦ وفي فضائل أصحاب النبي، ﷺ، باب مناقب أبيّ بن كعب ٥/ ٤٥، ومسلم في صلاة المسافرين باب أستحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه ١/ ٥٥٠، وفي الفضائل باب فضائل أبيّ بن كعب وجماعة من الأنصار ٤/ ١٩١٥ كلاهما من رواية أنس بن مالك.
(٣) المراد عنده بأهل الإشارة أصحاب الصوفية.
(٤) سورة البقرة آية ٣٠.
قال الحافظ: قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني النبي آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي العطف عليهم؛ وذلك لإِظهار الحكمة في خلق نوع الإِنسان في مقابلة من قال من الملائكة: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي: وقد وجد فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم. وقال عياض: هذا السؤال على سبيل التعبد للملائكة كما أمروا أن يكتبوا أعمال بني آدم، وهو ﷾ أعلم من الجميع بالجميع. فتح الباري ٢/ ٣٦ - ٣٧.
(٥) أي سريع البكاء والحزن وقيل الرقيق. انظر شرح السيوطي علي سنن النسائي ٢/ ٩٩.
(٦) متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب أهل العلم والفضل أحق بالإِمامة ١/ ١٧٢، ومسلم في الصلاة باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما ١/ ٣١٣ - ٣١٤، والنسائي ٢/ ٩٩، والموطأ ١/ ١٧٠، ١٧١، كلهم من رواية عائشة قالت: لَمَّا دَخَل رَسُولُ اللِه، ﷺ، بَيْتِي قَالَ: =

1 / 364