التحصينات الواقية:
أخي القارئ، إن تم إدراكك لخطورة ما سبق، وسألت بعدها ما سبيل توقي ذلك كلِّه، وكيف أدفع عن نفسي هذا الخطر المحدق؟ أتاك غيث الشريعة الغراء منسكبًا بتحصيناتٍ لا قِبَل لعدوك بها، فخذها بقوة، وعَضَّ عليها بالنواجذ، فأنت بحاجة ماسة إليها تفوق مراتٍ ومرات حاجتك لتمام الصحة الجسدية، ولزينة الدنيا من مال وذرية، وإن التسهّل في الأخذ بهذه التحصينات قد يؤدي إلى هلاك مروّع، هو أشد هولًا من هلاك الجسد بأمراض عضوية، فإن الآفات المهلكات التي تتحصن منها، يتيه فيها القلب، وتتحير بشأنها الروح، ويهلك بها الجسد، كما تموت بها النفس، نعوذ بالله تعالى من ذلك.
أخي القارئ، - وقد عرفت جَلَل ذلك الخطب -، فلنشرع ببيان تحصينات واقية من ذلك، وهي بمجموعها مستوحاة من قول رسول الله ﷺ لعبد الله بن عباس ﵄: «يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُْمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اُللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَْقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ. [وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا]» (١) .
هذا، وإن التحصينات بحفظ حدود الله تعالى أربعة:
(١) أخرجه الترمذي - وصحّحه -؛ كتاب: صفة القيامة، باب: [حديث حنظلة]، برقم (٢٥١٦)، عن عبد الله بن عباس، ﵄. وما بين معقوفين في خاتمة الحديث، هي زيادة عند أحمد، ... (١/٣٠٧)، من حديث عبد الله بن العباس أيضًا ﵄. ... وهذه الزيادة هي أيضًا عند الحاكم في مستدركه، برقم (٦٣٠٤)، وقد اختص ﵀ بزيادةٍ بعد قوله ﷺ: «احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»: «تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ» .
1 / 111