Prophethood: Selection and Example
النبوة: اصطفاء وقدوة
Mai Buga Littafi
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Lambar Fassara
السنة الثانية - العدد الثالث
Shekarar Bugawa
محرم ١٣٩٠هـ/١٩٧٠م
Nau'ikan
عَظِيمٍ﴾ ١ ولما رأوا الدعوة تنتشر انتشار البرق علموا أن ليس معدن العظمة المال، وأن العظمة الحقيقية في القيم الربانية وفي الشرع الإلهي الذي يستقر في قلب ويجري عملا صالحًا وقد تدفقت الأموال على رسول الله ﷺ فلم يعلق بقلبه شيء منها ولا تزود بغير زاد سنة. نهض مرة بعد التسليم مسرعًا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته قال: "ذكرت شيئًا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته"٢.
ورأت أمهات المؤمنين الأموال تحمل إلى رسول الله ﷺ فتاقت نفوسهن إلى التوسعة ورغبن فيها إلى رسول الله ﷺ وأبى الرسول إلا أن يكون هو وبيته مثلًا على الرضا بالكفاية وجاءهن من الله التخيير؛ إما الصبر على رسول الله على ما أراد الله له من تقديم الآخرة على الدنيا وإما التسريح والتمتيع، فاخترن الله ورسوله.
ومن ثم كانت دعوة الأنبياء خالصة لله لم يبتغوا بها منفعة لأنفسهم أو جزاء دنيويا. وما من رسول إلا قال لقومه: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إلآَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ٣.
١ الزخرف: ٣١. ٢ رواه البخاري. انظر رياض الصالحين ص٥٧. ٣ الشعراء: ١٠٩.
الصبر والثبات والبطونة
...
د - الصبر والثبات والبطولة:
وإن تأنس بالرسل فلتأنس بما كانوا عليه من صبر وثبات وإقدام.
رجل أعزل نازل وحده أمه حتى انقادت له على الإسلام. فبأي سلاح فرق النبي صفوف الخصوم الألداء؟ إنه الصبر والثبات وإني لأحسبه أمضى سلاح في دك أسوار الجاهلية والوثنية.
كانت معركة الرسول ﷺ بين فئتين غير متكافئتين كما قضت حكمة الله أن ينازل الرسول وحده قوة مناوئة ذات عدد، فلابد من الصمود في وجهها صمودًا باسلًا يكشف عن ثبات الحقيقة التي يدعو إليها. ويفضح زيف العقائد التي يتشبث بها الجاهليون وما من نبي إلا جعل الله في عزيمته من الثبات ما تزول منه الجبال وما يزول؛ موقف راسخ، ملءه الحزم والتصميم والإقدام يريد أن يفتح قلوبًا مغلقة، وأن ينفذ إلى ضمائر مظلمة وفي نفسه قوة لا تقهر وإرادة لا تنثني، إذ آمن أن الله معه، هذا التحدي نجده في إنذار هود قومه: ﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ، إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ٤.
٤ هود: ٥٦.
1 / 194