(لقيته أنا وعبد الرحمن بن مهدي، فسألناه فقال: هبوا أن الناس لا يعلمون أني لم ألق أنسًا لا تعلمان أني لم ألق أنسًا؟!. ثم بلغنا أنه يروي عنه فأتيناه فقال: هبوا أن رجلًا أذنب ذنبًا فيتوب ألا يتوب الله عليك؟! قلنا: نعم. قال: فإني أتوب، ما سمعت من أنس قليلًا ولا كثيرًا. وكان بعد ذلك يبلغنا عنه أنه يروي عنه فتركناه) (١)، وزياد هذا متروك ومتهم بالوضع (٢) .
ومن ذلك قوله: (جميل بن زيد الطائي، سمع ابن عمر، روى عنه الثوري وعباد بن العوام، قال أحمد عن أبي بكر بن عياش عن جميل: هذه أحاديث ابن عمر ما سمعت من ابن عمر شيئًا إنما قالوا: اكتب أحاديث ابن عمر فقدمت المدينة فكتبتها) (٣) .
ومع أن البخاري نقل في ترجمة جميل ما يثبت بأنه ما رأى ابن عمر ولا سمعه إلا أنه صدر الترجمة بعبارة.
"سمع ابن عمر"، وقد قال ابن حبان - في ترجمة جميل بن زيد - ك (يروي عن ابن عمر ولم يره، روى عنه الثوري، دخل المدينة فجمع أحاديث ابن عمر بعد موت ابن عمر ثم رجع إلى البصرة ورواها عنه) (٤)، وقد قال ابن معين: (جميل بن زيد يروي عن ابن عمر - ليس بثقة) (٥) .
ويحق لنا أن نتساءل: لماذا يقول البخاري "سمع" مع علمه بأنه لم يسمع؟.
ويظهر لي أنه من الممكن الإجابة على هذا الإشكال بمايلي:
١- إن البخاري لشدة اهتمامه بالفحص عن سماع الرواة التزم أن يُصدر كل ترجمة بصيغة الأداء التي بلغته ووصلت إليه، فتراه تارة يقول في بعض التراجم مثلًا: (عبد الرحمن بن الأسود العنسي أن عمر ﵁، روى عنه أبو بكر بن