Permissibility of Reporting about Allah without Quran or Sunnah
شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة
Nau'ikan
شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة
كتبه: أبو عبد الله المصريُّ
مقدمة فضيلة الدكتور / محمود عبد الرازق الرضواني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
تتميز العقيدة الإسلامية المبنية على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ببساطتها ومنطقيتها، ونظرا لانتشاء المذاهب الكلامية في البيئة الإسلامية ظن كثيرون أن الحديث عن العقيدة أمر صعب لا يخوض فيه إلا الخواص من الناس الذين درسوا علم الكلام وخاضوا بحار الفلسفة وعلوم المنطق، وقد انسحب هذا التصور على كثير من الدعاة البارزين في الساحة الإسلامية فقلما تجد من يتحدث عن موضوعات العقيدة إلا على وجه الإجمال أو الإشارة، ويظنون أنهم بذلك ينتهجون نهج السلف في الإيمان المجمل، وهذا يصح لو لم تظهر في البيئة الإسلامية ألاف الأمراض الفكرية التي تتطلب ردا وتعقيبا وبيانا للحق الذي دل عليه الكتاب والسنة، فأساس العقيدة مبني على تصديق الخبر وتنفيذ الأمر بعيدا عن شبهات المنحرفين.
وقد طلب مني الأخ أبو عبد الله المصريُّ الاطلاع على بحث له بعنوان شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة، وقد رأيته موضوعا جيدا ينم عن فهم كاتبه لعقيدة السلف في تلك القضية، وقد أثلج صدري وأسعدني أنه تتطرق لمثل هذا الموضوع الدقيق، فلعله على صغر حجمه يكون بحثا مفيدا لمن أراد التعرف على تلك القضية في باب الأسماء والصفات، وأسأل الله له مزيدا من التوفيق والسداد.
وكتبه د/ محمود عبد الرازق الرضواني
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
كلية الشريعة وأصول الدين
جامعة الملك خالد
1 / 1
مقدمة فضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد العزيز
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أما بعد،،،
فإنه مما لا شك فيه أن العقيدة بالنسبة للإنسان كالروح وكالهواء لا يستغني عنها الإنسان أبدا؛ لتجيبه عن كل أسئلته من أين جاء هذا الكون؟ من أين جاء هو؟ من هو الله؟ ما هي أسمائه؟ وما هي صفاته ... إلخ
ومثل هذه الأسئلة لا نجد لها جوابا كافيا شافيا إلا في العقيدة الإسلامية، ومن المميزات التي تجمعت للعقيدة الإسلامية عبر القرون الطويلة من تاريخها المجيد هي البساطة والتيسير والخلو من التعقيدات التي تعاني منها العقائد الأخرى.
ولكن لا طريق لنا لتعلم علم العقيدة إلا بالكتاب والسنة فهي أمور غيبية لا سبيل لتعلمها إلا عن طريق أدلة السمع - أي الكتاب والسنة -.
1 / 2
وإنَّ فَهْمَ دلائل الكتاب والسنة إنما يُؤْخَذُ عن السلف؛ فهم أعلم الناس بمراد الله ورسوله ﷺ، وكل علم يُؤْخَذُ من غير طريقهم ونهجهم فهو ضلال وإنحراف، وصدق عمران بن حصين ﵁ إذ يقول " أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إلا تفعلوا لَتَضلُّنَّ " (١) .
وباب الأسماء والصفات من أبواب العقيدة باب دقيق لأنه من خلاله تتعرف على ربك وعلى أسمائه وصفاته وعلى أفعاله معرفة صحيحة، إلا أنه كثر فيه الدخلاء ما بين مُمَثِّل ومُعَطِّل فزادوا فيه وغَيَّروا فَصَعُبَ فهمه على كثير من الناس وصدق من قال:
يحللون بزعم منهم عُقَدَا ... وبالذي قالوه زادت العُقَدُ
ولذا يتعين على كل المشتغلين بهذا العلم تدريسا وتصنيفا أن يعرضوه بلا غموض ولا تعقيد ولا حواجز لفظية تعوق عن فهمه، والقاعدة في ذلك قول الله سبحانه " فقل لهم قولا ميسورا " آية ٢٨ الإسراء.
وقد طلب مني الأخ أبوعبد الله المصري الإطلاع على بحثه هذا " شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة " فرأيته مبحثا قويا في موضوعه قَلَّ من تطرق إليه بهذه البساطة والسلاسة مَبْنِيٌّ على الكتاب والسنة وفَهْم سلف الأمة، فَوُفِّقَ في تناوله دراسة ومنهجا واستدلالا.
وقد طلب مني أن أُقَدِّم له بمقدمة فكتبت هذه الكلمات، فأسأل الله أن ينفع بهذا البحث.
وكتبه / عبد الله بن عبد العزيز
_________
(١) كتاب الكفاية في علم الرواية صـ ١٥ لأحمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي - الناشر: المكتبة العلمية - المدينة المنورة تحقيق: أبو عبد الله السورقي، إبراهيم حمدي المدني.
1 / 3
شكر وتقدير
قال الله " لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ " وقال رسوله ﷺ " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني برقم ٦٥٤١ في صحيح الجامع.
لذلك أتوجه بالشكر لله أولا ثم لوالدي وإلى كل من أجرى الله على يديه من الفضل لي من المسلمين بشكل عام، وإلى كل داعية وعالم نفعني الله بعلمه من خلال درس أو شريط أو كتاب أو رسالة، وإلى كل أخ من إخواني ذكرني بالله ونصحني فيه وعلمني شيئا أنتفع به، وإلى إخواني المحيطين بي وأخص منهم أخي الحبيب الذي أهداني إسطوانة الموسوعة الشاملة.
فإن أي طاعة لله لا يكون سببها فعل العبد لها بل مئات الأسباب التي يقضيها الله بحكمته ورحمته وفضله، ومئات الموانع التي يصرفها الله عن العبد.
وأخص بالشكر مرتبًا حسب المعرفة واللقاء كل من:
فضيلة الشيخ / أبوعبد الرحمن
الذي أجرى الله على يديه من الفضل لي ما لا يعلمه إلا هو سبحانه؛ حيث كان بدء تعلم العقيدة على يديه. فجزاه الله خيرا ورفع قدره عنده في الدنيا والآخرة وقَرَّ عينيه بكل ما يرضي ربه.
وفضيلة الدكتور / محمود عبد الرازق الرضواني
والذي كان من خلقه الرفيع وتواضعه الجم أن وافق على أن يقدم لهذا البحث، والذي نفعني الله بنصحه وتوجيهاته وتشجيعه لي على تكملة هذا البحث. فجزاه الله كل خير ونفعنا الله بعلمه وفتح عليه من العلم والفهم ما يرضي الله وبما يرفع ذكره في الدنيا والآخرة.
وفضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد العزيز
الذي يُتَعَلَمُ منه السمت الصالح والخلق الرفيع فضلا إلى علمه، ولقد كانت مراجعة هذا البحث معه وأفادني كثيرا بملاحظاته وتعليقاته، وفي ترتيب البحث. فجزاه الله بأحسن ما جازى به علماء هذه الأمة ورفع قدره عنده وفي قلوب عباده.
1 / 4
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أما بعد،،،
يُعْتَبَرُ علم العقيدة من بين العلوم الشرعية أشرفها وأعظمها مكانة؛ إذ خلق الله الجن والإنس وأنزل الله الكتب وأرسل الرسل ليعبدوه وحده بلا شريك.
قال الله ﷿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد:١٩]، وقال ﷿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦]، وقال وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: ٣٦]، وقال رسول الله ﷺ (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عيسى عبد الله ورسوله وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) أخرجه البخاري برقم ٣٢٥٢ ومسلم في كتاب الإيمان برقم ٢٨.
1 / 5
إن تعلم العقيدة الصحيحة والتي مصدرها الكتاب والسنة الصحيحة ثم إجماع سلف الامة (١)، والعمل بمقتضاها والدعوة إليها هي أشرف الأعمال وأعظمها، والتي يحاول العبد في هذه الحياة أن يقيمها على ما يحب ربنا، وإن عبادة الله وحده وتنزيهه عن صفات النقص واثبات صفات الكمال وطاعة رسوله والعمل بشرعه وتطبيقه في شئون الحياة كلها والدعوة إلى دينه هي الحكمة من خلق الجن والإنس، ولا يستقيم ذلك إلا بتصحيح العقيدة؛ إذ العمل فرع عن التصور والإعتقاد.
فلا تكون هناك عقيدة صحيحة إلا بان يكون مصدرها الكتاب والسنة وإجماع سلف الامة؛ إذ تعتبر العقيدة هي قاعدة الإيمان والأصل الذي يقوم عليه أركان الإيمان.
وموضوع هذا البحث هو الإخبار عن الله بما لم يأت في القرآن والسنة والذي نتناوله كما يلي:
الفصل الأول: توطئة بين يدي البحث وفيه:
أولا: سبب كتابة هذا البحث.
ثانيا: أهمية هذا البحث.
ثالثا: تعريفات ومقدمات بين يدي البحث.
الفصل الثاني وفيه:
الدليل من القرآن والسنة على جواز الإخبار عن الله.
ما جاء عن سلف الأمة بشأن عدم التَّقَيُّد بما جاء في القرآن والسنة في الإخبار عن الله.
الفصل الثالث: الرد على بعض الاعتراضات على هذا البحث.
وقبل الشروع في البحث لعله من المناسب أن أنقل كلاما للشيخ القاسمي في تفسيره للآية رقم ٨٢ من سورة النساء حيث قال: " وفي بقية الآية العذر للمصنفين فيما يقع لهم من الاختلاف والتناقض لأن السلامة عن ذلك من خصائص القرآن ".
وأسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعل هذا العمل لوجهه خالصا، وأن يكون بحثا نافعا لي وللمسلمين، وأن يتقبله مِنِّي بفضله وكرمه.
_________
(١) - إجماع السلف في باب الاعتقاد فيه تفصيل سيأتي في الفصل الثالث.
1 / 6
الفصل الأول: توطئة بين يدي البحث
أولا: سبب كتابة هذا البحث
قابلت أحد طلبة العلم من خريجي الأزهر وقد درس الحديث في الشام بعد ذلك ودارت مناقشة حول الإخبار عن الله بأنه موجود فأجبت بما علمت من أقوال أهل العلم قديما وحديثا بأن ذلك يجوز، فقال لي: الإخبار عن الله لا يتجاوز القرآن والسنة معللا بقول الله " أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ " وإلا فإن ذلك بدعة أومخالف للسنة.
وصورة هذه المسألة:
أنك إذا قرأت في كتب السلف أكَّد الله، أو كرَّرَ الله، أو حكى الله في كتابه، أو خاطب الله وهي مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله الثابتة في القرآن والسنة، أو ما يفهم من كلام الله مثل " هَدَّدَ الله أو رَتَّبَ الله " فعلى كلام هذا الأخ يكون هذا مخالفة للسنة وابتداع.
فبدأت أبحث عن هذه المسألة هل لها دليل في القرآن والسنة وفي أقوال الصحابة والتابعين أم لا؟
حيث أن هذا القول جعل المسألة إما اتباع وإما ابتداع مما يلزم منه أن الحق في هذه المسألة خفي على الأمة حتى أتى أصحاب هذا القول وعلموها، وهذا يترتب عليه لوازم باطلة منها:
أخبرنا الله سبحانه أنه رضي عن المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان وما ذاك إلا لفضيلتهم فيما يرضي الله من العلم والعمل وقد ثبت عنهم جواز الإخبار بذلك كما سيأتي في الفصل الثاني، ولم يذكر عنهم خلافا في ذلك.
فقول القائل: أن من أخبر عن الله بدون التقيد بما جاء في القرآن والسنة مخالفة للسنة وعدم اتباع للنبي ﷺ، اتهام لله ولرسوله ﷺ من حيث الرضى عن أقوام غير كاملي العلم وهناك من هو أعلم منهم.
اتهام الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان بعدم اتباع السنة بما قد جاء عنهم بجواز الإخبار عن الله بدون التَّقَيُّدِ بما جاء في القرآن والسنة، والطعن فيما جاء من فضائلهم في العلم والعمل، ووصفهم بعدم الاتباع يُعْتَبَرُ بدعة وضلالة منكرة.
1 / 7
أقول: فإن فرض أن هناك من لم ترسخ قدمه في العلم قد اتهم شيخا من الشيوخ المعاصرين بالابتداع في الدين نجد أنصار هذا الشيخ يردون عليه ويرفضون هذه النسبة له، وقد يكون هذا الشيخ موصوفا بذلك، فكيف يأتي في زماننا من يُبَدِّعُ ابن عباس ومعمر وقتادة ومجاهد والإمام مالك والشافعي والطبري وابن كثير وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أئمة السلف؟ فهل يعقل ذلك؟ .
رد ما جاء في الأحاديث التي تُثْبِتُ أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة؛ حيث أن الإخبار عن الله بدون التَّقَيُّد بما جاء في القرآن والسنة قد ثبت عن سلف الأمة وعلمائها وأئمتها ولم ينقل عنهم عدم جواز ذلك.
فعلى هذا القول اجتمعت الأمة على ضلالة بهذا الإخبار.
رد ما جاء في كتب أهل التفسير من تأويل القرآن، وكذلك معاني أسماء الله وصفاته وأفعاله؛ حيث إنها تفسر بالكلمات المترادفة، واتهام هؤلاء العلماء بعدم اتباع النبي ﷺ، مع أنني فيما قرأت لم أعثر على كلام للعلماء قديما ولا حديثا فيه التصريح بأن ذلك مخالفة للسنة وابتداع، بل المنقول عنهم أنهم أخبروا عن الله بدون التَّقَيُّد بما جاء في القرآن والسنة.
ثانيا: أهمية هذا البحث
فإن سأل سائل ما أهمية هذا البحث؟
نقول وبالله تعالى التوفيق والهدى:
توضيح ماهية الإخبار عن الله وأنواعه وحكم كل نوع.
إقامة الدليل من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على جواز الإخبار عن الله وبدون التَّقَيُّدِ بما جاء في القرآن والسنة.
توجيه الخلاف الثابت عن السلف في المنع من الإخبار كما سيأتي في الفصل الثالث، واثبات أن ذلك متعلق بأنواع أخرى من الإخبار.
الرد على القائلين بأن من أخبر عن الله بدون التَّقَيُّد بما جاء في القرآن والسنة فهو مبتدع ومخالف للسنة.
1 / 8
ثالثا: تعريفات ومقدمات بين يدي البحث
أولا:
بعض الفروق اللغوية والشرعية بين الخبر وبين كل من الاسم والصفة
الخبر لغة وشرعا وأنواعه:
تعريف الخبر لغة:
كتاب الكليات لأبي البقاء (١) صـ ٤١٥
الخبر: هو الكلام الذي يقبل الصدق والكذب لأجل ذاته، أي لأجل حقيقته من غير نظر إلى المُخْبِرِ والمادة التي تعلق بها الكلام، كأن يكون من الأمور الضرورية التي لا يقبل إثباتها إلا الصدق ولا يقبل نفيها إلا الكذب.
وقال في صـ ٦٤:
الإخبار: هو التكلم بكلام يسمى خبرا، والخبر اسم لكلام دال على أمر كائن وسيكون.
تعريف الخبر شرعا - أي الذي ثبت عن السلف جوازه دون إنكار منهم -:
الإخبار عن الله هو (٢):
" التكلم بألفاظ هي مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله التي جاءت في القرآن والسنة، أو التكلم بما يفهم من سياق آي القرآن، وضابطها هذان القيدان وهما ألا تتضمن نقصا في حق الله، وعدم التعبد بها كما يُتَعَبَّدُ بالأسماء والصفات ".
وشرح هذا التعريف:
" التكلم بألفاظ هي مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله ": ومثال ذلك أنه عندما يشرح العلماء اسم الله القدوس ويقولون: هو الطاهر عن العيوب، أو السبوح: هو المنزه عن النقائص.
" أو ما يفهم من سياق آي القرآن " مثل " أَكَّدَ الله، كَرَّر الله ".
مع ضبط ذلك بشيئين هما:
" ألا تتضمن نقصا في حق الله ": لأن الله أثبت لنفسه صفات الكمال ونزه نفسه عن صفات النقص بإجماع المسلمين
" عدم التعبد بها كما يُتَعَبَّدُ بالأسماء والصفات ": لأن الأسماء والصفات يترتب عليها عبوديات لله ستأتي في النقطة التالية.
_________
(١) الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي طـ مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية (ت ١٠٩٤ هـ) -
(٢) - هذا التعريف من وضع المؤلف من خلال فهم ما جاء عن السلف في هذا الموضوع.
1 / 9
أنواع الإخبار عن الله فيما جاء عن السلف (١):
النوع الأول: مرادفات لأسماء الله وصفاته وأفعاله، وما يفهم من سياق آي القرآن كما سبق في تعريف الإخبار شرعا وهو الذي لم يَثْبُتْ عنهم الخلاف في جوازه.
النوع الثاني: ما جاء صريحا في إجماع السلف لتقرير معنى صحيحا في العقيدة أو للرد على معنى باطل مثل " البائن من خلقه - ذات الله " وهو ملحق بالنوع الأول في جوازه.
النوع الثالث: الألفاظ التي تكلم بها بعض السلف للرد على خصومهم مثل " القديم - الحد "، وحكمها: أنه يُسْأَلُ عن المعنى المراد وما دام هناك لفظ أحسن في التعبير عن المعنى فاستخدامه هو الموافق لمذهب السلف، مع الاشتراط ألا تتضمن نقصا في حق الله.
النوع الرابع: الألفاظ المجملة التي تكلم بها المبتدعة مثل " الجسم - المماسة - التحييز " ولا شك في المنع من استخدامها والتكلم بها بين المسلمين في الإخبار عن الله، وإن كان في مقام مجادلة أهل البدع فالتفصيل في المعنى هو مذهب السلف فإن كان المعنى حقا قُبِلَ ويُرَدُّ اللفظ، وإن كان المعنى باطلا فَيُرَدُّ اللفظ والمعنى.
معنى الاسم والصفة والفرق بينهما لغة وشرعا - نقلا من كتاب فضيلة الدكتور علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله -:
تعريف الاسم والصفة لغة والفرق بينهما:
الاسم: هو ما دل على معنى في نفسه (٢)، وأسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها (٣) .
الصفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يُعرف بها (٤)، وهي ما وقع الوصف مشتقًا منها، وهو دالٌ عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه.
_________
(١) - من ٢ - ٤ تلخيص من كتاب الصفات الإلهية للدكتور محمد التميمي وسيأتي جزء منه في الفصل الثالث.
(٢) - التعريفات للجرجاني (ص٢٤) .
(٣) - مجموع الفتاوى (٦/١٩٥) .
(٤) - التعريفات (ص ١٣٣) .
1 / 10
وقال ابن فارس: الصفة: الأمارة اللازمة للشيء (١)، وقال: النعت: وصفك الشيء بما فيه من حسن (٢) .
الفرق بين الاسم والصفة شرعا:
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة؟ فأجابت بما يلي:
أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات فهي نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم... (٣) .
قلت: القول بأن الصفة مستلزمة للاسم أي الذي دل عليه القرآن والسنة حيث سيأتي في النقطة التالية ما يوضح ذلك.
ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة، والصفة عن الاسم أمور منها:
أولًا: أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر.
ثانيًا: أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء (٤) .
_________
(١) - معجم مقاييس اللغة (٥/٤٤٨) .
(٢) - المصدر السابق (٦/١١٥) .
(٣) - فتاوى اللجنة الدائمة (٣/١١٦-فتوى رقم ٨٩٤٢) .
(٤) - انظر: مدارج السالكين (٣/٤١٥) .
1 / 11
ثالثًا: أن أسماء الله ﷿ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلف في التعبد والدعاء فيتعبد الله بأسمائه، فنقول: عبد الكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يُتعبد بصفاته فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول: يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! الطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو: يا لطف الله! ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها فهذه صفات لله، وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى: ﴿يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور: ٥٥]، وقوله تعالى ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:٦٠] وغيرها من الآيات (١) . انتهى من كتاب صفات الله للشيخ علوي السقاف حفظه الله.
ثانيا:
مذهب السلف اشتراط الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة لاثبات الاسم أو الصفة لله
ثبت عن السلف ﵏ أن مذهبهم في اثبات الأسماء والصفات هو وجود النص من الكتاب والسنة وفيما يلي بعض النقولات عنهم والتي تُثْبِتُ ذلك:
أخرج ابن أبي حاتم في آداب الشافعي بإسناد صحيح عن الإمام الشافعي (٢):
عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما يؤمن به فقال:
_________
(١) - انظر: فتاوى الشيخ ابن عثيمين (١/٢٦-ترتيب أشرف عبد المقصود)، وقد نسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ينبغي هنا أن نفرق بين دعاء الصفة كما سبق وبين دعاء الله بصفة من صفاته؛ كأن تقول: اللهم ارحمنا برحمتك، فهذا لا بأس به. والله أعلم.
(٢) نقله الشيخ محمد الحمود النجدي في كتابه النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى طـ مكتبة الإمام الذهبي الكويت ١ / ١٩ - ٢٠
1 / 12
لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه ﷺ أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله القول بها فيما روي عنه العدول، فإن خالف بعد ثبوت الحجة فهو كافر، أما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١) ٤ / ٢:
فمن سبيلهم في الاعتقاد - أي السلف - الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه وسمى بها نفسه في كتابه وتنزيله أو على لسان رسوله ﷺ من غير زيادة عليها.
قال علاَّمة العصر ابن عثيمين في كتابه الفريد شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى (٢) في القاعدة الخامسة صـ ٧٥:
أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
_________
(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية – المطبوعة بأمر صاحب السمو الملكي – الطبعة الثانية – تصوير الطبعة الأولى ١٣٩٨ هـ
(٢) شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ محمد بن صالح بن العثيمين طـ دار الآثار
1 / 13
على هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا) وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص.
وقال الشيخ أيضا عند حديثه على قواعد الصفات - القاعدة السابعة - صـ ١٥٣:
صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها
فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: " لا يُوصَفُ الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث ". انتهى كلام الشيخ ﵀ ورفع درجاته في عليين.
مما سبق تتضح لنا أمور:
الأسماء والصفات أخص من الخبر من جهة اشتراط الدليل لثبوت الاسم والصفة، ولا يشترط ذلك في الخبر فهو أوسع من الأسماء والصفات.
الخبر عن الله يشترط أن لا يتضمن نقصا في حق الله لانتفاء النقص عنه سبحانه.
ليس معنى أننا نخبر عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة أننا نجعل ذلك من أسمائه أو صفاته، فهذا لا يقوله أحد لأن اثبات أسماء الله وصفاته توقيفي.
قال الإمام ابن القيم ﵀ في كتاب بدائع الفوائد ١ / ١٦٧ طـ دار الحديث:
1 / 14
ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشئ والموجود والقائم بنفسه فإنه يُخْبَرُ به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
اثبات أسماء الله وصفاته تتوقف على ما جاء به القرآن والسنة والسبب في ذلك أن اثبات الاسم والصفة لله يترتب عليها عبوديات لله سبحانه أما الخبر فلا يترتب عليه ذلك الأمر.
الفصل الثاني:
بعد أن عرضنا في الفصل السابق بعض النقاط المتعلقة بتعريف الخبر والفرق بينه وبين الاسم والصفة لغة وشرعا، وعرفنا مذهب السلف ﵏ ورضي عنهم في اثبات أسماء الله وصفاته وأن ذلك لا يتعدى الكتاب والسنة وسكتوا عن الخبر والذي نجده مملوءً في كتبهم.
نورد في هذا الفصل الأدلة من القرآن والسنة وكلام سلف الأمة والتابعين لهم بإحسان قديما وحديثا على جواز الإخبار عن الله وبدون اشتراط التقيُّد بما جاء في الوحيين عكس ما ثبت في توقيفية الأسماء والصفات.
الدليل من القرآن والسنة على جواز الإخبار عن الله
أولا: الدليل من القرآن على مشروعية الإخبار عن الله
قد جاء في القرآن ألفاظ أخبر الله بها عن نفسه غير أسمائه وصفاته، والدليل على ذلك:
قول الله: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ [الأنعام: ١٩]
وجه الدلالة: أن الله أخبر عن نفسه سبحانه بأنه شئ لا هو اسم له ولا وصف
يقول الإمام الطبري في تفسيره (١) ٥ / ١٦١:
_________
(١) - تفسير الطبري للإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) طـ دار الكتب العلمية بيروت - الطبعة الثانية.
...
1 / 15
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يكذبون ويجحدون نبوتك من قومك: أي شىء أعظم شهادة وأكبر؟ ثم أخبرهم بان أكبر الأشياء شهادة: الله الذي لا يجوز أن يقع في شهادته ما يجوز أن يقع في شهادة غيره من خلقه من السهو والخطأ والغلط والكذب، ثم قل لهم: إن الذي هو أكبر الأشياء شهادة شهيد بيني وبينكم.
قول الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: ١١]
وجه الدلالة: أن الله سبحانه أخبر أنه لا شئ مثله سبحانه، فهو سبحانه شئ لكن لا كغيره من الأشياء.
قول الله: هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدّثر: ٥٦]
وجه الدلالة: أن الله أخبر عن نفسه أنه أهل التقوى وأهل المغفرة، والمغفرة صفة من صفاته فأهل هاهنا هل هي وصف؟ أم أن الصحيح أنها خبر عنه سبحانه؟ . فالصحيح أنها خبر عن الله سبحانه.
ثانيا: الدليل من السنة على مشروعية الإخبار عن الله
أخبر النبي ﷺ عن الله بألفاظ غير أسمائه الحسنى وصفاته العلى، ولم يترتب عليها عبوديات لله، بل كانت من باب الإخبار فقط والدليل على ذلك:
عن أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله ﷺ: لا شيء أغير من الله تعالى.
رواه الإمام البخاري في باب الغيرة برقم ٤٩٢٤، والإمام مسلم ٢٧٦٢.
وجه الدلالة: أن النبي ﷺ أخبر أنه لا شئ أغير من الله تعالى فالله يُخْبَرُ عنه أنه شئ.
بوب الإمام البخاري في كتاب التوحيد ١٣ / ٥٦٥ طبعة دار مصر
قول النبي ﷺ " لا شخص أغير من الله "
1 / 16
أخرجه الإمام البخاري معلقا (١) والإمام مسلم.
وجه الدلالة: أن النبي ﷺ أخبر عن الله بأنه شخص.
ما جاء عن سلف الأمة بشأن عدم التَّقَيُّد بما جاء في القرآن والسنة في الإخبار عن الله
امتلأت كتب السلف الصالح ﵏ أجمعين بالإخبار عن الله ولم يتقيدوا بالألفاظ التي جاءت في القرآن والسنة، وقد نقلت ما تيسر من أقوال السلف من لدن الصحابة حتى وقتنا المعاصر، ولم يكن هناك اختلاف في جواز ذلك.
قَصَدْتُ تَعَدُّدَ النقل في اللفظة الواحدة عن عدد من العلماء قديما وحديثا لإثبات أن الإخبار عن الله بهذه اللفظة أمر ليس ببدعة بل هو مما توافق عليه أهل السنة.
_________
(١) - ذكر ابن حجر في هذا التعليق: قوله لا شخص أغير من الله يعني ان عبيد الله بن عمرو روى الحديث المذكور عن عبد الملك بالسند المذكور أولا فقال لا شخص بدل قوله لا أحد وقد وصله الدارمي عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن وراد مولى المغيرة عن المغيرة قال بلغ النبي ﷺ أن سعد بن عبادة يقول فذكره بطوله وساقه أبو عوانة يعقوب الاسفرايني في صحيحه عن محمد بن عيسى العطار عن زكريا بتمامه وقال في المواضع الثلاثة (لا شخص) قال الإسماعيلي بعد ان أخرجه من طريق عبيد الله بن عمر القواريري وأبي كامل فضيل بن حسين الجحدري ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثلاثتهم عن أبي عوانة الوضاح البصري بالسند الذي أخرجه البخاري لكن قال في المواضع الثلاثة لا شخص بدل لا أحد ثم ساقه من طريق زائدة بن قدامة عن عبد الملك كذلك فكأن هذه اللفظة لم تقع في رواية البخاري في حديث أبي عوانة عن عبد الملك فلذلك علقها عن عبيد الله بن عمرو قلت وقد أخرجه مسلم عن القواريري وأبي كامل كذلك ومن طريق زائدة.
1 / 17
لقد آثرت النقل عن العلماء الذين اشتهروا باتباعهم لمذهب السلف في كتب التفسير معرضا عمن سواهم ممن لم يتبعوا السلف؛ حتى لا يعترض معترض بأن من نقلت عنهم ليسوا ممن يتبع مذهب السلف.
اعتمدت في البحث على اسطوانة الموسوعة الشاملة اختصارا للوقت، ثم قمت بمراجعة نقولات كتب التفسير على الكتب المتاحة لدي.
نقلت من التفسير السعدي ومعارج القبول والإبانة الكبرى من نسخ موجودة لدي.
أما ما سوى ذلك فقد اكتفيت بالمراجع الموجودة بالموسوعة حيث أنني قارنت بين مراجع الموسوعة وبين كتب التفسير وبعض الكتب الأخرى لنفس الطبعات فوجدتها متطابقة.
ونعرض فيما يلي هذه النقولات:
الإخبار عن الله بـ " جَذَّ "
ما جاء عن عبد الله بن مسعود ﵁ بالإخبار عن الله بـ " جَذَّ "
الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية (١) ١/ ٣٨٤ برقم ١٢٦١:
قال ابن مسعود: يقولون ما فينا كافر ولا منافق، جَذَّ الله أقدامهم.
الإخبار عن الله بـ " وَبَّخَ "
ما جاء عن الإمام ابن جرير الطبري بالإخبار عن الله بـ " وَبَّخَ "
تفسير الطبري ١ / ٣٧٨:
هذه الآية مما وَبَّخَ الله بها المخاطبين من بني إسرائيل.
ما جاء عن الإمام البغوي (٢) بالإخبار عن الله بـ " وَبَّخَ "
تفسير البغوي ١ / ٢٦٠:
وَبَّخَ الله الكافرين بالتمتع بالطيبات في الدنيا.
الإخبار عن الله بـ " شَبَّهَ "
ما جاء عن ابن عباس ﵄ بالإخبار عن الله بـ " شَبَّهَ "
_________
(١) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة العكبري - طـ دار الكتب العلمية - بيروت
(٢) معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي - طـ دار المعرفة بيروت - الطبعة الثالثة - تحقيق خالد عبد الرحمن وخالد سوار.
1 / 18
الدر المنثور (١) ١ / ٣٠٦:
أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله ﷿ " كمثل الذي ينعق بما لا يسمع " قال شَبَّهَ الله أصوات المنافقين والكفار بأصوات البهم أي بأنهم لا يعقلون.
الإخبار عن الله بـ " كَرَّرَ "
ما جاء عن ابن عباس بالإخبار عن الله بـ " كَرَّرَ "
الطبري ١١/ ١٨٢:
حدثنا أبو كريب قال ثنا عثمان بن سعيد قال ثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس: قال فلما كَرَّرَ الله عليهم الحجج قالوا وإذا كان بشرا فغير محمد كان أحق بالرسالة.
ما جاء عن الإمام القرطبي (٢) بالإخبار عن الله بـ " كَرَّرَ "
الجامع لأحكام القرآن ١ / ٣٣٨:
قيل: كَرَّرَ الأمر لما عّلَّقَ بكل أمر منهما حكما غير حكم الآخر فعلق بالأول العداوة وبالثاني إتيان الهدى.
ما جاء عن الشيخ عبد الرحمن السعدي بالإخبار عن الله بـ " كَرَّرَ "
تفسير السعدي (٣) صـ ٥٠:
كَرَّرَ الإهباط ليرتب عليه ما ذكر.
الإخبار عن الله بـ " عَابَ "
ما جاء عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب بالإخبار عن الله بـ " عَابَ "
الدر المنثور ٢ / ٣٥٥:
_________
(١) الدر المنثور لعبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي - دار الكتب العلمية بيروت - الطبعة الأولى
(٢) - تفسير القرطبي لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت ٦٧١ هـ) طبعة دار الحديث مصر
(٣) تفسير الكريم الرحمن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي (١٣٠٧هـ - ١٣٧٦ هـ) طـ مؤسسة الرسالة مصر الطبعة الأولى
1 / 19
حدثنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق بن مسلم أخي الزهري قال: كنت جالسا عند سالم بن عبد الله في نفر من أهل المدينة فقال رجل: ضرب الأمير آنفا رجلا أسواقا فمات فقال سالم: عَابَ الله على موسى ﵇ في نفس كافرة قتلها.
ما جاء عن قتادة بالإخبار عن الله بـ " عَابَ "
الدر المنثور ١/ ٦١٠:
أخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان فينظر إلى أردئهما تمرا فيتصدق به ويخلط به الحشف فنزلت الآية فعَابَ الله ذلك عليهم ونهاهم عنه.
الإخبار عن الله بـ " عَيَّرَ "
ما جاء عن قتادة بالإخبار عن الله بـ " عَيَّرَ "
تفسير ابن كثير (١) ١/ ٣٨١
قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم﴾ قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون فعَيَّرَهم الله ﷿ وكذلك قال السدي. قال المحقق: تفسير عبد الرزاق (١ / ٤٤)، وابن جرير برقم (٨٤٣)، وابن أبي حاتم برقم (٤٧٨) وسنده صحيح.
ما جاء عن الإمام أبو عمر ابن عبد البر المالكي بالإخبار عن الله بـ " عَيَّرَ "
التمهيد (٢) ٩ / ١٤١:
فيه دليل على أن الرشوة عند اليهود أيضا حرام ولولا حرمته عندهم ما عَيَّرَهم الله بقوله: (أكالون للسحت) وهو حرام عند جميع أهل الكتاب.
_________
(١) تفسير ابن كثير للإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ) طبعة مكتبة أولاد الشيخ للتراث مصر.
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري- وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب ١٣٨٧ - تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري
1 / 20