أضواء جديدة على التأريخ التونسي، فمدينة صفاقس جزء من التراب التونسي، وتاريخها جزء من تاريخ هذه البلاد، ولون من ألوانه.
وبهذا أخذ محمود مقديش مكانته بين المؤرخين التونسيين، فترجم له ابن أبي الضياف في الإتحاف، ومحمد مخلوف في شجرة النور الزكية، وكراتشكوفسكي في الأدب الجغرافي، ونالينو (Nallino) في مقالة طويلة نشرها ضمن مئوية أماري (٥) وأدرجه أحمد عبد السلام ضمن المؤرخين التونسيين في أطروحته (٦)، ومحمد محفوظ في تراجم المؤلفين التونسيين (٧)، وغيرهم، وأخذ كتابه «نزهة الأنظار» مكانه بين كتب التراث التاريخي، وصار يستعمل مرجعا في كتابة التاريخ الحديث المتعلق بالمدن، والإقتصاد، والإجتماع، وعلاقة المغرب بالمشرق أثناء القرن الثامن عشر، وقلما تنشر دراسة في هذه الأبواب دون الإشارة إليه والإعتماد عليه، وخصص له الصغير نور الدين أطروحة دكتوراه، المرحلة الثالثة ناقشها في جامعة السربون سنة ١٩٨٣ - ١٩٨٤ سمّاها» «Temps et espace chez Maqdish»: الزمان والفضاء عند مقديش» وقال فيها اعتمادا على محمد الهادي الشريف في مقالته حول التاريخ الإقتصادي والإجتماعي التونسي في القرن الثامن عشر من خلال المصادر المحلية (٨) «إنّ كتاب مقديش له ميزة خاصة، اعتبارا للمصادر المختلفة التي نقل عنها، وهو يمثل في آن واحد عملا فريدا متميزا لأن مؤلفه ينتمي إلى مدينة ثانوية، وله ارتباط بالوسط التجاري، ولأنه مثقف أيضا يمتثل في كتابته للقواعد التقليدية» (٩).
فإن كان هذا هو اعتبار الكتاب واستعماله، فمن المفيد بل من اللازم تنقيح هذا المرجع وتيسير استعماله، وعلى ذلك عزمنا وشرعنا أملنا التوفيق والإفادة، وبالله نستعين، وعليه نتوكل.
_________
(٥) Venezia a Sfax Nel Secolo XVIII Secondo il crovista arabo Maqdish.
(٦) Les historiens tunisiens des XVII،XVIII et XIX siecles باريس ١٩٧٣.
(٧) دار الغرب الإسلامي، ٤/ ٣٥٦ - ٣٦٤.
(٨) «L' histoire economique et sociale de la Tunisie au XVIII siecle a travers les sources locales»، in: les arabes par leurs archives de J. Becque، pp. ١١٦ - ١١٧
(٩) المصدر السابق، ص: ٤١.
مقدمة / 7