عند وصوله يثرب هو عقد الصحيفة التي كفلت حرية الاعتقاد لأهل المدينة جميعا.
ولكن الظرف لم يستمر على حاله، مما أدى إلى إلغاء الصوم العبري واستبداله بصوم رمضان العربي، كما ألغيت قبلة بيت المقدس واستبدلت بكعبة مكة، ثم أخذ كل من النبي
صلى الله عليه وسلم
واليهود يكتشفون اختلاف توجهاتهم، ثم يكتشفون اختلافات عميقة، بين ما بين يدي اليهود من التوراة وبين ما يتلوه رسول الله
صلى الله عليه وسلم . وهنا اتخذ الأمر وجهة أخرى، خاصة بعد غزوة بدر الكبرى، التي مكنت المسلمين من العتاد والسلاح والقوة المادية والمعنوية. حيث يكشف لنا الوحي أن سبب اختلاف القرآن عن التوراة في كثير من التفاصيل، إنما يرجع إلى قيام اليهود بتحريف التوراة الأصلية، ومن هنا حق قتالهم لتبديلهم آيات الله، ومن ثم نقض الصحيفة وإبطال الحرية الدينية، وجاء الأمر:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ، بعد أن أصبح:
الدين عند الله الإسلام .
وكان الموقف نفس الموقف من المسيحية اليعقوبية بعد انتفاء الحاجة للحبشة ونجاشيها، وكان لا بد أن يقول الوحي كلمته إزاء العقائد المسيحية. وهو الأمر الذي ينطبق على الموقف من أهل مكة، حيث بدأت الآيات الحكيمة في مكة زاخرة بما يلائم حال الضعف التي كان عليها المسلمون وسط أكثرية معادية، فقررت حرية الاعتقاد، وأنه لا إكراه في الدين، والأمر موكول إلى الله يوم القيامة. أما بعد الهجرة من مكة إلى المدينة، وبعد وقعة بدر الكبرى، والتحول من حال الضعف إلى حال القوة، أتت الآيات الناسخة تبطل حرية الاعتقاد، وتأمر بقتال غير المسلمين وقتلهم. وهو الأمر الذي لحظه الإمام السيوطي وجلة الأجلاء من العلماء، لكنهم أدرجوه في باب المنسأ وهو ما عبرت عنه الآيات بجلاء:
فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره .
ما نسخ تلاوته وحكمه
Shafi da ba'a sani ba