فإن قال: فما معنى وصفكم له، بأنه قدس؟
قيل له : معنى ذلك أنه يجب أن ينزه عما جاز على عباده، من ملامسة النساء، ومن اتخاذ الصاحبة والأولاد. وكل ما جاز على عباده، من أمثال ذلك. وبالله التوفيق.
الباب السادس والمائتان
في الجواد
الجواد في لغة العرب: هو الذي يتفضل على من لا يستحق، ويعطى من لا يستوجب، الذي لا تحصى عطاياه.
فإن قال: أفليس يقال: فرس جواد، على غير معنى الإفضال؟
قيل له: قد يقال: فرس جواد. وهم يريدون أنه سريع العدو. والبارئ تعالى، لا يجوز أن يوصف من هذا المعنى، لأن العدو والحركات، لا يجوزان على الله. ولا يجوز أن يوصف بالسرعة_ تعالى الله عن ذلك. وإنما يوصف بأنه جواد كما يوصف ذو البذل والسخاء منا، بأنه جواد، بأنه يراد به إنعامه وأفضاله، وجوده وكرمه. فلما وصف الله تعالى نفسه؛ بأنه جواد كريم، وصفناه به.
مسألة:
فإن قال: أفتزعمون أن الله لم يزل جوادا؟
قيل له: لا؛ لأن الجواد منه إنعامه وإفضاله، على عباده. وذلك فعل منه. ولا يجوز أن يكون لم يزل موصوفا بذلك.
فإن قال: أفتزعمون أنه سخي؟
قيل له: لا.
فإن قال: فما الفرق بين ذلك؟
قيل له: إن السخاء في اللغة: إنما هو اللين. ومنه يقال: أرض سخاوية، إذا كانت لينة. ويقال: قرطاس سخاوي: إذا كان لينا وإنما قيل للجواد من المخلوقين: سخي؛ للينة عند الحوائج، إذا طلبت منه. وبالله التوفيق.
الباب السابع والمائتان
في الكريم
قال أبو محمد: الكريم: صفة ذات، وصفة فعل الذاتي بمعنى العزيز الممتنع. والفعلي، بمعنى للفضل بالإعطاء فيجوز أن يقال: لم يزل كريما، على المعنى الأول. ولا يجوز أن يقال: لم يزل كريما، على المعنى الثاني.
مسألة:
قال أهل اللغة: والكريم: المرتفع من كل شيء يقال: فلان أكرم قومه: أي أرفعهم منزلة وقدرا.
Shafi 166