قيل لهم: الدليل على ذلك تواتر الأفعال منه على الإدرار؛ لأنه سبحانه، لو خلق الأشياء، ثم عدم بعد خلقه إياها، لم يخل من أحد أمرين: إما أن تكون بحكمته متقنة، أو غير متقنة، أو غير محكمة.
فإن تكن حكمته متقنة، فواجب أن لا تدخلها الزيادة والنقصان؛ لأن الزيادة والنقصان، لا تكون إلا على غير فاعل موجود. ألا ترون أن الحكيم -فيما نشاهده- إذا كان باقيا يكون متقنا في أحكام صنعته. وإتقانها لا يزيد فيها، ولا ينقص منها، علم أنه حكيم. فلما دل الدليل على أن أفعال الله محكمة، دل أنه حكيم، خالق موجود. وبالله التوفيق.
الباب الثاني والتسعون والمائة
في ذكر البارئ
قال أهل اللغة: يقال: برأ الله الخلق. والبارئ: الخالق قال الله تعالى: { الخالق البارئ المصور } ففرق بين الصفتين.
قيل البارئ: الخالق.
وقيل: خلق الخلق فقدره، ثم برأه فسواه وعدله
والبرى: التسوية. يقال: برأ القلم، إذا سواه.
وقال أهل اللغة: برأ الله الخلق. فالبرية: الخلق. والبارئ: الخالق. وبالله التوفيق.
الباب الثالث والتسعون والمائة
في المصور
قال الله تعالى: { الخالق البارئ المصور } ابتدأ بالخالق ثم البارئ، ثم المصور؛ لأنه خلق الخلق، ثم برأ لهم النسمات، ثم أظهر صورها . وقامت تامة بتدبيره. فالحال الأول: الخلق، والثاني: برء. والثالث: تصوير. فقيل: إنه تعالى سمى نفسه مصورا؛ لأنه ابتدأ تدبير الخلق في الدنيا، وهو يتمها حتى تصير إلى غايتها التي خلقت في الآخرة، فتظهر صورة الخلائق التي خلقت، وصارت إليه. فهو المصور جل وتعالى، لا صورة له، ولا مثال. بل هو منشيء الصورة والأمثلة، على غايتها. تبارك الله المصور.
والصورة اشتقاقها، من صار يصير. ومعناه: والتمام والغاية. ومنه قولهم: إلام صار أمرك؟ أي منتهاه وغايته. وبالله التوفيق.
الباب الرابع والتسعون والمائة
في الرءوف
ابن الأنباري- قال أهل اللغة: الرءوف في كلامهم- معناه: الشديد الرحمة.
Shafi 159