Nukat Wa Cuyun
النكت والعيون
Bincike
السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Inda aka buga
بيروت / لبنان
فذهب أبو حنيفة على أنّ السعي بين الصفا والمروة غير واجب في الحج والعمرة منسكًا بأمرين: أحدهما: قوله تعالى: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ ورفع الجناح من أحكام المباحات دون الواجبات. والثاني: أن ابن عباس وابن مسعود قَرَء: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن لاَّ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. وذهب الشافعي، ومالك، وفقهاء الحرمين، إلى وجوب السعي في النسكين تمسكًا بفحوى الخطاب ونص السنة، وليس في قوله: ﴿فَلاَ جُنَاحَ﴾ دليل على إباحته دون وجوبه، لخروجه على سبب، وهو أن الصفا كان عليه في الجاهلية صنم اسمه إساف، وعلى المروة صنم اسمه نائلة، فكانت الجاهلية إذا سعت بين الصفا والمروة طافوا حول الصفا والمروة تعظيمًا لإساف ونائلة، فلما جاء الإسلام وألغيت الأصنام تَكَرَّهَ المسلمون أن يُوَافِقُوا الجاهلية في الطواف حول الصفا والمروة، مجانبةً لما كانوا عليه من تعظيم إساف ونائلة، فأباح الله تعالى ذلك لهم في الإسلام لاختلاف القصد فقال: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. وأما قراءة ابن مسعود، وابن عباس: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن لاَّ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، فلا حجة فيها على سقوط فرض السعي بينهما لأن (لا) صلة في الكلام إذا تقدمها جَحْد، كقوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: ١٢] بمعنى ما منعك أن تسجد، وكما قال الشاعر:
(ما كان يرضى رسول الله فعلهم ... والطيبان أبو بكر ولا عُمَرُ)
﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: ومن تطوع بالسعي بين الصفا والمروة، وهذا قول مَنْ أسقط وجوب السعي. والثاني: ومن تطوع بالزيادة على الواجب، وهذا قول من أوجب السعي. والثالث: ومن تطوع بالحج والعمرة بعد أداء فرضهما.
1 / 213