وصفهم بالشدة والغلظة على الكفار وبالرحمة فيما بينهم وأثنى عليهم بكثرة الركوع والسجود وكثرة الأعمال الصالحة وسعة الرجاء من فضل الله تعالى ورحمته بابتغائهم فضله ورضوانه وبأن آثار تلك الأعمال الصالحة ظاهرة في وجوههم بحيث إذا نظر إليهم أحد بهره حسن سمتهم وعلامتهم. ومن ثمّة قال الإمام مالك: "بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ﵃ الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين، فيما بلغنا".
وقد صدقوا في ذلك. فإن هذه الأمة المحمدية خصوصا الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يزل ذكرهم معظما في الكتب كما قال تعالى في هذه الآية: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ﴾ أي وصفهم بما مر في التوراة، ومثلهم في الإنجيل: ﴿كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ أي إفراطه ﴿فَآَزَرَهُ﴾ أي شدّه وقوَاه ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ أي شبّ وطال
1 / 82