فإنها نزلت بالمدينة، وذلك أنه لما قدم رسول الله ﷺ المدينة أتته أخبار اليهود، فقالوا: يا محمد بلغنا أنك تقول: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: ٨٥] أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال ﷺ: عنيت الجميع، فقالوا: يا محمد أما تعلم أن الله جل وعز أنزل التوراة على موسى بن عمران ﵇ والتوراة فيها أنباء كل شيء، وخلفها موسى فينا ومعنا؟، قال النبي صلي الله عليه [وسلم] لليهود التوراة وما فيها من الأنباء قليل في علم الله ﷿ فأنزل الله تعالى في المدينة: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) [لقمان: ٢٧] إلى تمام الآيات الثلاث.
وآلم السجدة مكية، ما خلا ثلاث آيات منها، فإنها نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب ﵁ والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وذلك أنه شجر بينهما كلام، قال الوليد لعلي بن أبي طالب ﵁: أنا أدرب منك لسانًا، وأحد سنانًا، وأرد للكتيبة، فقال له علي ﵁ اسكت، فإنك فاسق: فأنزل الله تعالى بالمدينة: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ) [١٨] إلى تمام الآيات. الأحزاب مدنية، سبأ مكية، فاطر مكية، يس مكية، والصافات مكية، ص مكية، والزمر مكية، ما خلا ثلاث آيات منها، فإنها نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة ﵁ وذلك أنه أسلم ودخل المدينة، فكان يثقل على رسول الله ﷺ النظر إليه فتوهم أن الله ﷿ لم يقبل إسلامه، فأنزل الله ﷿ بالمدينة: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [٥٣]
1 / 98