ذَلِكَ فوقوعه نادر، وغالبه لم يتكرر فلم يذكره، أو أن المراد بالسؤال عن الوحي السؤال عن الموحى وهو القرآن، ومجيء الملك بالقرآن لا يخرج عن تلك الصفتين، والله أعلم.
قوله: (قالت عائشة) هو معطوف عَلى الإسناد الأول بغير أداة عطف، وهو جائز كما قَالَ ابن مالك، وقد أكثر المصنف في هذا الكتاب من استعماله، وقد أخرجه مالك في "الموطأ" كذلك (١)، وأفرده مُسْلِم (٢) بالسياق مع أنه بسند الَّذِي قبله عنده أيضًا، فانتفى أن يكون من تعاليق البُخَاريّ كما جوزه الكرماني.
وكلام عائشة هذا يؤيد ما روت عنه ﷺ من الشدة؛ لأن سيل العرق في اليوم الشديد البرد يدل عَلى حمل ثقل عظيم، كما قَالَ تعالَى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥]. وفي حديث عائشة أيضًا أنها في قصة الإفك: "فأخذه ما كَانَ يأخذه من البُرَحَاء" (٣)، وهو بضم الموحدة وفتح الراء والحاء المهملة، وهو: البُهْرُ (٤) بضم الموحدة وإسكان الهاء، والعرق مثل الَّذِي يحصل للمحموم.
وفي حديث عبادة بن الصامت: "كَانَ إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وترَبَّد وجهه" (٥). وهو بالراء وتشديد الموحدة؛ أي: تغير لونه.
وفِي حديث يَعْلَى بن أمية: "فرأيته وهو يَغَطّ" (٦).