العزيز (حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط الأسود من الفجر) والعرب تشبه رقة البياض البادي من الفجر أولا ورقة السواد الحاف به بخطين أبيض وأسود على جهة الاستعارة والتمثيل.
قال أبو داود
فلما بصرن به غدوة ... ولاح من الفجر خيط أنارا
والكتاب العزيز نزل على ما تفهمه العرب في لغتها وتأليفه في عرفها، ونزل الخيط
الأبيض من الخيط الأسود ولم يكن فيها من الفجر ومضى على ذلك عام فجاء عدي بن حاتم إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني جعلت تحت وسادتي عقالين أبيض وأسود أعرف الليل والنهار. فقال له رسول الله إني جعلت تحت وسادتي عقالين أبيض وأسود أعرف الليل والنهار. فقال له رسول الله ﷺ: إنما هو سواد الليل وبياض النهار، فأستدل بهذا القول على أن النهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وعلى ذلك العمل في الصوم والصلاة والإيمان وغير ذلك من جميع ما يناط به حكم شرعي، وأما على ظاهر اللغة فاختلف فيه فروى أبو حنيفة الدينوري في كتاب الأنواء أن النهار محسوب من طلوع الشمس إلى غروبها والليل من غروب الشمس حتى طلوعها ولا يعد شيء قبل طلوعها من النهار ولا شيء قبل غروبها من الليل، وقال الزجاج في كتاب الأنواء أيضا: أول النهار ذرور الشمس، ومن أهل اللغة من جعل وقت النهار من الأسفار إذا أتسع الضوء وانبسط وهو موافق لمن قال بالذرور واعتبر في ذلك التسمية اللفظية وقال النهار مأخوذ من أتساع الضوء واتضاح نوره وانشد:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائما من دونها ما وراءها
والحكم عند عامة الفقهاء في النهار ما ورد في الحديث وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وأما تحديد تبين الخيط الأبيض من الخيط
1 / 66