الحسن المنجم عامل معز الدولة على الأهواز وحبه للعمارة
: حضرت مجلس الحسن بن علي بن زيد المنجم ، غلام أبي نافع ، وهو إذ ذاك عامل معز الدولة رحمه الله على الأهواز وقطعة من كروها ، ومحله عنده كمحل وزرائه ، وكان قد خدم أبي رحمه الله قديما ، بعد مفارقته خدمة القاسم بن دينار عامل الأهواز ، وتوكل له في داره وضيعته ، وخلفه على العيار في دار الضرب بسوق الأهواز ، ثم خلطه بخدمة أبي عبد الله البريدي ، فعلت منزلته ، ثم بلغت به الحال ما ذكرته ، فكنت إذا جئته ، وهو إذ ذاك على غاية الجلالة ، وأنا في حد الأحداث ، اختصني . وكان يعجبه أن يقرظ في وجهه ، فأفاض قوم في مدحه ، وذكر عمارته للوقوف ، والسقايات ، وإدراره الماء في ذبابة المسرقان وتفريقه مال الصدقات على أهلها ، وذنبت معهم في ذلك . فقال لي هو : يا بني ، أرباب هذه الدولة إذا حدثوا عني بهذا وشبهه ، قالوا : المنجم إنما يفعل هذا رياء ، وما أفعله إلا لله تعالى ، وإن كان رياء فهو حسن أيضا ، فلم لا يراؤون هم بمثل هذا الرياء ؟ ولكن الطباع خست ، حتى في الحسد أيضا ، كان الناس قديما إذا حسدوا رجلا على يساره ، حرصوا على كسب المال حتى يصيروا مثله ، وإذا حسدوا على علمه ، تعلموا حتى يضاهوه ، وإذا حسدوا على جوده ، بذلوا حتى يقال إنهم أكرم منه ، وإذا وعدد أشياء كثيرة ، فالآن لما ضعفت الطبائع ، وصغرت النفوس ، وعجزوا أن يجعلوا أنفسهم مثل من حسدوه ، في المعنى الذي حسدوه عليه ، عدلوا إلى تنقص المبرز ، فإن كان فقيرا شنعوا على فقره ، وإن كان عالما خطأوه ، وإن كان جوادا قالوا هذا متاجر بجوده وبخلوه ، وإن كان فعالا للخير ، قالوا هذا مراء . |
Shafi 8