الأندلسي: نسبة إلى الأندلس بالفتح وسكون النون وفتح الدال المهملة وضم اللام ثم سين مهملة، جزيرة في الجانب الشرقي من أرض المغرب متصلة بالبر الطويل، والبر الطويل متصل بالقسطنطينية العظمى، وإنما قيل للأندلس جزيرة، لأن البحر محيط بها من جهاتها إلا الجهة الشمالية وهي مثلثة الشكل والركن الشرقي منها متصل بجبل يسلك منه إلى افرنجية، ولولاه لاختلط البحران، وهي آخذة في الطول من البحر الغربي عند مدينة أخشبة إلى منفرج البحر الجنوبي المحيط عند جبل هيكل الزهرة، وهي آخذة عرض الإقليم الخامس والسادس من البحر الشامي في الجنوب إلى البحر المحيط في الشمال، يقال: إن أول من عمرها بعد الطوفان أندلس بن يافث بن نوح فسميت باسمه، قيل: أن الأرض لما انكشفت بعد الطوفان ظهرت عن شكل طائر رأسه المشرق وجناحاه الجنوب والشمال وما بينهما بطنه والمغرب ذنبه، وأظن أنه روي في ذلك أثر والله أعلم بصحته. يحكى أن بعض المغاربة حضر مجلس بعض المحدثين وهو يروي حديث الدنيا كطائر والمغرب ذنبه ثم التفت المحدث إلى المغربي يماجنه، فقال: وأخس ما في الطائر ذنبه، فقال المغربي في الحال: إن ذلك الطائر كان طاووسا وأحسن ما في الطاووس ذنبه. وتشتمل الأندلس على قرى كثيرة ومدائن عظيمة وقاعدتها مدينة قرطبة، ومن مدائنها اشبيلية، وطليطلة وبيناطية. وكانت اليونان الطائفة المعروفة بالحكمة يسكنون بلاد الشرق قبل الاسكندرية. ولما ظهرت الفرس واستولت على البلاد وزاحمت اليونان انتقلوا إلى جزيرة الأندلس لكونها آخر العمارات، ولم يكن لها ذكر يوم ذاك ولم يكن لها مالك. ولما وصلوا إليها عمروها كما ينبغي واتخذوا طليطلة دار الحكمة لأنها وسط البلاد، ثم نظروا إلى من يكون يحسدهم على رغد العيش وجدوا البربر والعرب، فعمدوا إلى ما يطردهم، فعملوا طلسما وأودعوا ذلك الطلسم في تابوت من الرخام وتركوه في بيتت بمدينة طليطلة وأقفلوا عليه، وتقدموا إلى كل من ملك منهم بعد آخر أن يلقي على ذلك التابوت قفلا وعلى باب البيت قفلا آخر، فاستمر الأمر على ذلك حتى انتهى أمرهم إلى لزريق الملك وهو السابع والعشرون من ملوكهم، فقال لوزارئه: قد وقع في نفسي من هذا البيت أريد فتحه لأنظر ما فيه فإنه لم يعمل عبثا، ولما كان الملك مهيبا لم يلتفت إلى كلامهم فأمر بالفتح، فلما فتحوا وجدوا مائدة عظيمة من ذهب وفضة مكللة بالجواهر مكتوب عليها: هذه مائدة سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم ورأوا في البيت تابوتا وعليه قفل ففتحوه فوجدوا فيه رقا، وفي جوانب التابوت صور فرسان على أشكال العرب وزيهم وسلاحهم، فأمر بنشر الرق فإذا فيه: "متى فتح هذا البيت وهذا التابوت المقفل بالحكمة دخل القوم الذين صورهم في التابوت إلى جزيرة أندلس وذهب ملك اليونان من أيديهم، ودرست حكمتهم". ولما سمع الملك ما في الرق ندم ولم يلبثوا إلا قليلا حتى أشرف عليهم طارق بن زياد البربري، وقيل الصدفي مولى أبي عبد الرحمن موسى بن نصير اللخمي هو الذي ولاه الوليد بن عبد الملك بلاد أفريقية سنة تسع وثمانين للهجرة، ثم إن ابن نصير بعث مولاه طارق بن زياد إلى فتح بربر وأندلس وأعقبه بنفسه ولما وصل بأندلس وافاه أن قد فتحها فرجع منها ابن نصير في غنيمة عظيمة وأموال كثيرة واستصحب معه مائدة سليمان وثلاثين ألف رأس من الرقيق وتوجه بذلك إلى الوليد بن عبد الملك بالشام فوجده قد مات، وقام أخوه سليمان بن عبد الملك من بعده وحج سليمان ومعه ابن نصير سنة سبع وتسعين، ومات ابن نصير بوادي القرى في خلافة عمر بن عبد العزيز فيما أظن والله أعلم، قال أبو حامد القزويني: وفي أرض الأندلس غار يشتعل فيه النار وكل من أراد أن يشعل فتيلته يجعلها على رأس خشبة ويقرب إليه فتشتعل. وقيل: إن بابا من أبواب جهنم مفتوح هناك، قال: وفي جبله عينان إحداهما حارة بحيث تحرق، والثانية باردة بحيث لا يشرب منها شربة واحدة.
Shafi 61