14
ويعيش أولئك الأقزام في أكواخهم الصغيرة عيشا بسيطا غريبا، ويندر أن يشاطرهم أكواخهم آخرون، والأقزام يدخلونها زحفا من ثقوب كخروق الفئران، ونساء الأقزام - دوما - عاريات عاطلات من الحلي والقلائد والوشم، وليس لدى الأقزام أي معتقد كان كمعظم جيرانهم، وليس عندهم رؤساء، ولأحسن الصائدين منهم بضعة امتيازات في بعض الأحيان، وهم لا يرضون بشيء قد يوجد شركة أو حالا، وكل واحد منهم يعيش منفردا مع بعض نسوة، وتراهم يحملون عطفا مرموقا نحو أولادهم، ولا يضع النساء أولادهن في الأكواخ، بل في الغابة وحدهن، وهن يقطعن الحبل السري بأسنانهن كما تصنع الحيوانات.
وإذ ليس عند الأقزام مثل ما عند جيرانهم من دواجن وخضر وزراعة فإنهم لا يجتمعون إليهم إلا في عيد أو بعد صيد كبير، والأقزام أمرح من زنوج تلك البقعة وأكثر ولعا بالموسيقى، وهم يغنون فرقا وأفرادا، وهم يضحكون ويأتون بالأقاصيص، وهم يشربون قليلا ويتخذون أوضاعا لا غبار عليها، والتبغ والسعوط كلاهما مدار شغفهم الوحيد.
وهم - كأقزام الشمال - سراق شاكرون، فإذا ما جن
15
الليل وخرجوا لسرقة الموز، والموز طعامهم المفضل الذي لا يحوزونه في الغابة، وضعوا في الغالب قطعة من صيدهم
16
تحت الشجرة المسلوبة، ومما يحدث أحيانا أن يعوضوا الرجل المسروق ماله بأغرب من ذلك، وذلك بأن يدخلوا حقله في أثناء رقاده فيطهروه من الكلأ الرديء، أو أن ينصبوا مصيدا قد يقع فيه حيوان فيأخذه، أو أن يطردوا القرود من بين أشجار موزه، ومما يحدث أيضا أن يخطف هؤلاء النور الخبثاء من شباه القردة زنجيا صبيا وأن يضعوا أحد صغارهم بدلا منه لأمه الزنجية العواءة.
والفيل هو محل ميلهم وهدف طمعهم، والفيل - الذي هو أضخم الحيوانات - هو ضحية أناس صغار يستفيدون من قصر قاماتهم فيصطادونه مشتركين، وينساب أحدهم تحت الفيل مسلحا بحراب حادة، والفيل هو من شدة ضعف البصر ما يعجز معه عن رؤيته وإصابته بخرطومه، ويغلب الفيل بذلك الهجوم الغادر، ويرابط الأقزام حوله حتى يلتهم تماما، وينتفعون بعاجه في ابتياع ما يحتاجون إليه، ويبدون مكر الأقزام في صيد السمك كذلك، فهم يسدون الجداول وينشئون قنوات صغيرة يجري الماء إليها فيمسكون السمك المكافح بأيديهم.
وهكذا صار أولئك الصائدون الصغار مقاتلين وأقيانا
Shafi da ba'a sani ba