Nil: Rayuwar Kogi

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
176

Nil: Rayuwar Kogi

النيل: حياة نهر

Nau'ikan

كان يجوب أوروبة كردينال، حوالي سنة 1880، فينطق بمواعظ نارية ضد الرق، ويتبارى سادة الدنيا في تنظيم الولائم وفي إلقاء الخطب، ولكنهم لم يغيروا شيئا تقريبا، ولم يلغ الرق في روسية وفي الولايات المتحدة إلا منذ عشرين عاما قبل ذلك التاريخ، ويستفحل الأمر، ويتريب العالم النصراني من إمكان وجود عبيد من النصارى في الحبشة، وكان القمص النجاشي يوحنا قد حاول منع النخاسة، وقد كلم أحد السياح الفرنسيين منليك عن السخط الذي أثاره الكردينال لافيجيري ضد النخاسة، ويفكر النجاشي في الأمر ثلاثة أيام، ويصدر مرسوما ضد النخاسين المسلمين، ويأمر بتسريح كل أسير حرب في سبع سنين، ثم يذيع خبر تحرير بضعة آلاف من الآدميين، ويشترك رسميا في عهد مكافحة الرق ببروكسل الذي ينص في مائة فقرة على أمور حاول بعض الموقعين أن يتخلص منها.

ويمضي عام على ذلك المرسوم الأول الذي أصدره منليك فيبيح هذا النجاشي لجنوده أن يقتنوا عبيدا، ولما أيقن أمر تقديم أرقاء إلى بعض الضباط الأخلياء رضي بأن يهدى إليه عبيد مثلهم أيضا، وكان محتاجا إلى تجار من المسلمين لبيع الذهب والعاج فأغمض عينيه، ويبصر دوام «منافاة الأدب» في دولته فيود أن يستفيد منها، ويطالب بتاليرين عن كل عبد يباع، فيعيد الانسجام إلى عالمه بهذه العبقرية.

ومع ذلك يكون عمل جمعية الأمم شافيا إذا ما ألفت حلفا وأوجدت فيه شرطة أدبية فوق العروق والعقائد، وما الذي ظفرت به جمعية الأمم؟

حل اليوم التاسع من شهر نوفمبر سنة 1918 فرفع العلم الأبيض فوق ميادين القتال في العالم، وتخشى بنت منليك الإمبراطورة حدوث انقلاب عام فتذيع مرسوما تحظر النخاسة فيه فلم يعمل بهذا المرسوم كما أنه لم يعمل بالمراسيم السابقة، ويسخر الأشراف في أوديتهم العليا من تحريم يقل به دخلهم، ويجد تجار خشب الأبنوس طرقا ملتوية كما يجد المهربون في جميع البلدان الجبلية.

وإذا كان الرق مباحا فإن النخاسة محظورة، وإذ كانت بلاد العرب هدف النخاسة وجب على السلعة أن تجاوز البحر الأحمر، والبحر الأحمر مما تمخر فيه سفن البيض وقطع مهمة من الأساطيل الأوروبية. ومن الممكن - إذن - أن يؤخذ النخاسون متلبسين بالجريمة، وأن تراقب المرافئ الثلاثة التي يقومون فيها بمهنتهم، وكان النصر قد تم للنكولن في صراع أصعب من ذلك، ولم يصنع البيض شيئا.

وفي غضون ذلك تعلم الإمبراطورة من رسلها أو من بعض السياح أنه يجب على من يود أن يكون من العالم المتمدن أن يصبح صاحب مقعد في جنيف، وتكترث للمصالح التجارية أكثر مما للحضارة والدين، وتطلب رسميا قبولها في جمعية الأمم، وتصرح في طلبها بأن النخاسة محرمة في الحبشة، وأن الرق يزول بالتدريج فيها «مع استثناء حال الحرب»، وهذا الاستثناء مما يحدث في كل حين.

ويبحث الدبلميون عن «الصيغة» التي تنتسب بها الحبشة إلى جمعية الأمم بدلا من إقصائها عنها إلى أن يلغى الرق فيها، ولم ينفك الخبراء في ثماني سنوات؛ أي فيما بين سنة 1923 وسنة 1931، يبحثون عن تلك «الصيغة» في الاجتماعات واللجان والمشاورات والمناقشات والخطب والمحاضر والإفطارات والولائم، وهم يعجبون بوجهة النظر الحبشية القائلة: «حيث يوجد الرق لا يكون الأرقاء تعساء ولا يعاملون بسوء.»

وترى لجنة التحقيق «أن ذوي البأس من الرؤساء يمكنهم أن يحولوا دون إلغاء الرق، وأن يحرجوا الحكومة الحبشية بذلك»، وأن التحرير قد يؤدي إلى «نتائج جالبة للنوائب»، وما كان غير هذا قول وزراء القيصر، وقول ممثلي دول الجنوب للولايات المتحدة، وقول ذوي الأملاك الكبيرة، وقول أنصار سباق التسلح في الوقت الحاضر.

وتحذر اللجنة بلهجة ذات بهرج من المصاعب التي يؤدي إليها ذلك في الحبشة من الوجهة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، «وفي غضون ذلك يتمنى من الدول ...»

ولم يكن لدى خبراء جمعية الأمم من الشجاعة ما ينشرون معه جميع التقرير الذي قدمه وكيلهم اللورد لوغارد والذي جاء مصدقا لما أبداه الرواد والسياح من ملاحظات قائلة إن مراسيم النجاشي التي يبطل بها الرق لم تكن غير حبر على ورق، وقد ألقى تقرير سنة 1925 مسئولية ما وقع من بيع جديد لألوف العبيد على كاهل الكهنوت، وصرح راس قوي لسائح: «نفضل الموت على العدول عن عبيدنا.»

Shafi da ba'a sani ba