Nil: Rayuwar Kogi

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
149

Nil: Rayuwar Kogi

النيل: حياة نهر

Nau'ikan

ومهما يكن الأمر فإن جميع الشرفا ودوا ذات يوم حيازة سنور الزباد، فحملوا عبيدا لهم على البحث عنه، فوجده هؤلاء على أبعد شواطئ النيل جنوبا، ويمسكه السود بحبالة

13

ويؤنسونه في أكواخهم ويغذونه بالبيض وقت الظهر وبحساء اللبن وقت المساء، ويوقدون النار شتاء لكيلا يبرد، ثم يقشطون بملعقة خيزران ضربا من الرغوة في غدة منه لها رائحة المسك ويحفظونه في قرون البقر، ويبيعونه من التاجر الذي يأتي من المصر

14

في مقابل ثياب وقصبان ملح أو نقود فضية، وهكذا ترى سودا لا يعرفون سوى الجوع والصيد والحب في جبال الحبشة الموحشة يغتنون بفضل نفائس بلاط بعيد، ويزيدون قطاعهم وحقولهم من غير أن يكونوا في نهاية الأمر أكثر سعادة من إخوانهم الذين لا يقشطون غدد سنانير الزباد.

ومن الحيوان ما هو أقل أنسا، ومن ذلك القردوح

15

ذو الذؤابة الرمادية الذي يتخذ في كبره سير الأفاق المنبوذ المتوحش، والقردوح يغزو الحقول، وإذا ما منع فلم يدخلها إلا بعد الحصاد استعد كالآدميين ووضع من الأرصاد ما يحمي به صغاره تجاه الأنمار، والأنمار تخافه فلا تدخل القرية إلا بعد انصرافه.

والفيول هنا - كما في كل مكان - تسير بحذر كبير، والفيول تعرف متى يضع السود في قراهم برهم على ظهور جمالهم، والفيول تواثبهم في ذلك الحين فتضع الجمال أثقالها وتنال الفيول ما تريد، وتقول القصة: إن أحد الملوك أراد ذات يوم إخضاع زنوج ذلك الصقع، ويجده هؤلاء الزنوج من الخبث والهول كنهاب غلاتهم البغيض ذلك فيصيحون عند وصوله بقولهم: «يان هوي! أنت فيل!» ويسأل الملك عن معنى ذلك، ويدرك الدعابة كشرقي ويضع حدا للغزو ويعد بإنصاف كل من يدعوه على هذا الوجه، ومن ذلك الحين يركع كل سائل ملحف أمامه وهو يقول: «يان هوي». واليوم تجيء هذه الكلمة بمعنى «أيها الملك! يا صاحب الجلالة!» وهكذا يحمل نجاشي الحبشة العادي اسم أقوى وأنبه حيوان في الكون.

وفي الشتاء يعود الفيل إلى بقاع الجنوب المهجورة متسلقا منحدارات تتحدى الإنسان، وتجتذبه غابات الخيزران حول مصب نهر ديدسا في النيل الأزرق من الناحية اليسرى، وهنالك ترى مطروحة على الأرض مئات من الشجر الكبير الذي يحب الفيل النهيم ثماره السرية الصغيرة، والفيل يهز الأشجار بخرطومه ويجندلها عند عدم فائدة الهز، ويجمع تلك الثمار السكرية واحدة بعد الأخرى باعتناء.

Shafi da ba'a sani ba