Kogin Nil A Zamanin Fir'auna Da Larabawa
النيل في عهد الفراعنة والعرب
Nau'ikan
إن نيل مصر يمد وقت نضوب مياه الأرض، وذلك في شمس السرطان والأسد والسنبلة، فيعلو على الأرض ويقيم أياما، فإذا نزل عنها حرثت وزرعت ثم يكثر الندا في الليل جدا، وبه يتغذى الزرع إلى أن يستحصد، ونهاية ما تدعو إليه الحاجة من الزيادة ثماني عشرة ذراعا فإن زاد على ذلك فإنه يروي أمكنة مستعلية.
وروى لنا ما رآه بعينه من الفظائع التي وقعت في مصر سنة 597: دخلت سنة سبع مفترسة أسباب الحياة، وقد يئس الناس من زيادة النيل وارتفعت الأسعار وأقحطت البلاد، وشمل أهلها البلاء وهرجوا من خوف الجوع، وانضوى أهلي السواد كالريف إلى أمهات البلاد، وانجلى كثير منهم إلى الشأم والمغرب والحجاز واليمن، وتفرقوا في البلاد أيادي سبا ومزقوا كل ممزق، ودخل إلى القاهرة ومصر منهم خلق عظيم، واشتد بهم الجوع ووقع فيهم الموت، وعند نزول الشمس بالحمل وبرد الهواء ووقع المرض والموت واشتد بالفقراء الجوع حتى أكلوا الميتات والجيف والكلاب والبعر والأرواث، ثم تعدوا ذلك إلى أن أكلوا صغار بني آدم، فكثيرا ما يعثر عليهم ومعهم صغار مشويون أو مطبوخون فيأمر صاحب الشرطة بإحراق الفاعل لذلك والآكل.
ورأيت صغيرا مشويا في قفة، وقد أحضر إلى دار الوالي ومعه رجل وامرأة زعم الناس أنهما أبواه فأمر بإحراقهما.
ووجد في رمضان بمصر رجل وقد جردت عظامه من اللحم، فأكل وبقي قفصا كما يفعل الطباخون بالغنم، ومثل هذا أعوز جالينوس مشاهدته؛ ولذلك تطلبه بكل حيلة وكذلك كل من آثر الاطلاع على علم التشريح، وحينما نشم الفقراء في أكل بني آدم كان الناس يتناقلون أخبارهم ويفيضون في ذلك استفظاعا لأمره وتعجبا من نذوره.
ثم اشتد إليه اضطرارهم بحيث اتخذوه معيشة ومطيبة ومدخرا، وتفننوا فيه وفشا عنهم، ووجد بكل مكان من ديار مصر، فسقط حينئذ التعجب والاستشناع واستهجن الكلام فيه والسماع له، ولقد رأيت امرأة مثحجة يسحبها الرعاع في السوق، وقد ظفر معها بصغير مشوي تأكل منه، وأهل السوق ذاهلون عنها ومقبلون على شئونهم، لم أر فيهم من يعجب لذلك أو ينكره، فعاد تعجبي منهم أشد، وما ذلك إلا لكثرة تكرره على إحساسهم، حتى صار في حكم المألوف الذي لا يستحق أن يتعجب منه.
ورأيت قبل ذلك بيومين صبيا نحو الرهاق مشويا، وقد أخذ به شابان أمرا بقتله وشيه وأكل بعضه. وفي بعض الليالي بعد صلاة المغرب كان مع جارية فطيم تلاعبه لبعض المياسير، فبينما هو إلى جانبها انتهزت غفلتها عنه صعلوكة، فبقرت بطنه وجعلت تأكل منه نيا. وحكت لي عدة نساء أنه يتوثب عليهن لاقتناص أولادهن ويحامين عنهم بجهدهن.
ورأيت مع امرأة فطيما لحيما فاستحسنته وأوصيتها بحفظه، فحكت لي أنها بينا تمشي على الخليج انقض عليها رجل جاف ينازعها ولدها، فترامت على الولد نحو الأرض حتى أدركها فارس وطرده عنها، وزعمت أنه كان يهم بكل عضو يظهر منه أن يأكله، وأن الولد بقي مدة مريضا لشدة تجاذبه بين المرأة والمفترس.
وتجد أطفال الفقراء وصبيانهم ممن لم يبق له كفيل ولا حارس، منبثين في جميع أقطار البلاد وأزقة الدروب كالجراد المنتشر، ورجال الفقراء ونساؤهم يتصيدون هؤلاء الصغار ويتغذون بهم، وإنما يعثر عليهم في الندرة وإذا لم يحسنوا التحفظ.
وأكثر ما كان يقع من ذلك مع النساء، وما أظن العلة فيه إلا أن النساء أقل حيلة من الرجال، وأضعف عن التباعد والاستتار، ولقد أحرق بمصر خاصة في أيام يسيرة ثلاثون امرأة كل منهن تقر أنها أكلت جماعة، فرأيت امرأة قد أحضرت إلى الوالي وفي عنقها طفل مشوي فضربت أكثر من 200 سوط على أن تقر فلا تحير جوابا، بل تجدها قد انخلعت عن الطباع البشرية، ثم سحبت فماتت على مكان.
وإذا أحرق آكل أصبح وقد صار مأكولا؛ لأنه يعود شواء ويستغنى عن طبخه.
Shafi da ba'a sani ba