وهذا المعنى يلحق المقدار لذاته ، فإنا متى تصورنا المقدار الطولي مثلا أمكن أن يفرض العقل فيه شيئين متغايرين (1)، وهكذا في كل واحد من القسمين المفروضين ، وهكذا في كل واحد من قسمي القسمين وهكذا أبدا. وإنما كانت هذه الخاصة تابعة للأولى لأنه معنى يوجد للمقدار من حيث يفاوت غيره ويساويه ، وهذه القسمة لا تغير الجسم ولا توجب له حركة في المكان.
** الوجه الثاني :
له هوية واحدة ، فإن الجسم عند الأوائل واحد في نفسه ، فإذا انقسم وانفصل بعضه عن بعض فقد عدم اتصاله الأول ، وحدث اتصالان آخران ومتصلان آخران مغايران للأول ، والاتصال عندهم جزء الجسم ، ولا بد في هذا المعنى من تغير في الجسم وحركة ، وهذا المعنى من لواحق المادة ، ويستحيل عروضه للمقدار لامتناع التنافي بين القابل والمقبول ، وهذا المقدار متى انفصل عدمت ذاته فلا يكون هو القابل ، بل المادة. نعم ، عروض هذا القبول للمادة ، إنما هو بسبب تهيؤ المادة لقبوله المستند إلى المقدار ، فإنه لو لا المقدار لما عرض للمادة قبول الانقسام. ولا يلزم من قولنا : المقدار هو الذي يهيئ المادة لقبول الانقسام ، حصول ذلك الاستعداد في نفس المقدار ؛ لأنه حاصل في المادة فكيف يحصل فيه أيضا؟!
وليس كل فاعل فعل ، فإنه يفعله في نفسه ، بل ولا يجب أن يكون المقدار باقيا عند حصول الانقسام بالفعل ، بل يجب عدمه. كما أن الحركة تهيئ الجسم للسكون الطبيعي ، ولا تبقى مع السكون ، لأن أثر الحركة الإعداد للسكون ، وقد حصل معها. وكذا اعداد المادة لقبول القسمة مستند إلى المقدار ، وقد وجدت معه. وحصول القسمة بالفعل مستند إلى أسباب أخرى ، كما استند السكون إلى
Shafi 318