قال ابن سينا الرب تعالى عالم بالموجودات ولكن علمه بها علم لزومي عن علمه بذاته غير مفصل للصور فإنه يعلم ذاته وإنما يعلم ذاته كما هو عليه وهو أنه مبدأ للموجودات كلها بأسرها فيدخل علمه بالموجودات تحت علمه بذاته من غير أن تترتب للموجودات صورة في ذاته حتى يلزم منه كثرة فإن العلم بلوازم الشيء إذا لم يكن متجها نحو تلك اللوازم قصدا بل حاصلا من العلم بلزومها فلا يكون زائدا على نفس العلم بالملزوم ولا فيه كثرة مترتبة فترتبه حسب ترتيب تلك اللوازم ونحن نجد من أنفسنا مثل هذا العلم بالأشياء الكثيرة من غير أن يتمايز لها صورة في ذاتها وهو أنا إذا سئلنا عن مسئلة نكون قد علمناها وأتقناها لكنا في تلك الحالة معرضون عنها فمع السؤال عنها نجد من أنفسنا التفاتا إلى جوابها ويقينا لنا بحصول ذلك العلم المشتمل على جميع الجواب من غير أن يكون في ذلك العلم تفصيل لصور الأشياء التي تنتقش في نفوسنا حين أخذنا في الجواب ثم يأتي التفصيل مع الأخذ في الجواب مرتبا وليس ذلك استعدادا بحتا ويقينا بالاستعداد بل يقينا بحصول العلم لا بالاستعداد وإنما يتيقن المعلوم لا المجهول وأما علم العقل الأول بالباري تعالى فلا يكون لازما لعلمه بذاته فإن مبدأه قبل ذاته لا لازما عنه فلا يكون العلم بما هو قبل ذاته لازما من نفس علمه بذاته فيكون علما آخر على حدة والمعلوم ليس نفس العالم ولا لازما منه فيكون زائدا لا محالة على نفس العالم فتحصل فيه كثرة بسبب هذا العلم.
Shafi 77