Ƙarshen Ƙoƙari a Ilimin Magana
نهاية الإقدام في علم الكلام
Nau'ikan
وقالت الفلاسفة على طريقهم واجب الوجود ليس يجوز أن يعقل الأشياء من الأشياء وإلا فذاته إما متقومة بما يعقل أو عارض لها أن يعقل وذلك محال بل كما أنه مبدأ كل موجود فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له وهو مبدأ للموجودات التامة بأعيانها والموجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها وأشخاصها ولا يجوز أن يكون عاقلا لهذه التغيرات مع تغيرها حتى يكون تارة يعقل منها أنها موجودة غير معدومة وتارة يعلمها معدومة غير موجودة ولكل واحد من الأمرين صورة عقلية على حدة ولا واحد من الصورتين يبقى مع الثانية فيكون واجب الوجود متغير الذات بل هو إنما يعقل كل شيء على نحو كلي فعلي لا انفعالي ومع ذلك لا يعزب عنه شيء شخصي ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأما كيفية ذلك فلأنه إذا عقل ذاته وعقل أنها مبدأ كل موجود عقل أوائل الموجودات وما يتولد منها ولا شيء من الأشياء يوجد إلا وقد صار معلوما من جهة ما يكون واجبا بسببه فتكون الأسباب بمصادمات تتأدى إلى أن يوجد منها الأمور الجزئية فالأول يعلم الأسباب ومطابقاتها فيعلم ما يتأدى إليه وما بينها من الأزمنة وما لها من العودات فيكون مدركا للأمور الجزئية من حيث هي كلية أعني من حيث لها صفات وأحوال تستعد بها لأن تكون كلية وإن تخصصت فبالإضافة إلى زمان ومكان وحال متشخصة فيعقل ذاته ونظام الخير والموجود في الكل منه ونفس مدركة الكل سبب لوجود الكل منه ومبدأ له وإبداع وإيجاب وإيجاد فلا يتبع علمه معلوما بل يسبقه ولا يكتسب عنه صفة بل يكسبه ولا يتغير بتغير المعلوم بل يغيره ولا يتعلق بأمر معين من حيث هو معين شخصي حتى لو زال الشخص زال العلم بوجوده وهذا كمن عرف أن القمر إذا اجتمع مع الذنب في برج كذا وكانت الشمس في برج مقابل وقع ثم الكسوف فعلمه هذا قبل وجود الكسوف وبعده وفي حال الكسوف على وجه ليس يتغير بحدوث الكسوف وكذا كل علم كلي ثم الجزئي مندرج تحت الكلي على سبيل التضمن فيصير الكل معلوما له على هذا الطريق فمن قال منهم أنه لا يعقل إلا ذاته أراد به أنه يعقل كونه مبدأ وعقله ذلك هو الموجب لحصول ما يصدر عنه ومن قال منهم أنه يعقل الكليات دون الجزئيات أراد ما قررناه ومن قال منهم أنه يعقل الكليات والجزئيات أراد ما عقله مقصودا أي مبدأ وما يصدر عنه إلا أن ذلك على وجه فهذا كلام القوم ونحن نتكلم على ذلك بالاعتراض وبتصفح على كل مسئلة منها بالاستعراض.
فنقول أولا إطلاق لفظ العقل والعاقل غير مصطلح عليه عندنا فنغير لفظ العقل إلى العلم ونطلق لفظ العالم بدل العاقل إذ ورد السمع بكون الباري تعالى عالما ولم يرد بكونه عاقلا فنطالبكم بالدليل على كون الباري تعالى عالما فبما عرفتم ذلك والدليل ما أرشدكم إليه والبرهان لم يقم عليه فإن المتكلم يستدل بحصول الإحكام والإتقان في الأفعال على كون الصانع عالما وأنتم ما سلكتم هذه الطريقة ولا استقام ذلك على قاعدتكم فإن العلم عندكم لم يتعلق بالجزئيات أو تعلق على وجه كلي فهو إذا متعلق بالكليات والأحكام إنما يثبت في الجزئيات المحسوسة أما الكليات المعقولة فهي مقدرة في الذهن فما فيه الإحكام ليس بمعلوم على الوجه الذي يقتضيه الإحكام وما هو معلوم فلم يشاهد إحكام فيه فبطل الاستدلال من هذا الطريق.
قالوا طريقنا في ذلك إنما هو برئ من المادة وعلائقها فغير محتجب عن ذاته لأن الحجاب هو المادة والمقدس عن المادة هو عالم لنفسه بنفسه إذ لا حجاب.
قيل هذه مصادرة على المطلوب الأول فإن معنى قولكم غير محتجب عن ذاته أي هو عالم بذاته والكلام فيه كالكلام في الأول وتقريره إنما هو برئ من المادة فهو عالم فلم قلتم إنما هو برئ عن المادة عالم ونفي المادة كيف يناسب العالمية والعلم هذا كمن نفى التناهي والانقسام والأين والكيف عنه لم يجب من ذلك أن يكون عالما فنفى الجسمية والهيولانية عنه ليس يقتضي أن يكون عالما ولم نجد لعامتكم برهانا على ثبوت كونه عالما بالمعلومات سواء التجرد عن المادة وعلائقها وليس ذلك حدا أوسط في برهان أن ولا في برهان لم.
Shafi 75