Ƙarshen Ƙoƙari a Ilimin Magana
نهاية الإقدام في علم الكلام
Nau'ikan
فقالوا نحن لا نحكم على الأحكام من حيث أنها أحكام بأنها جائزة فإنها على مذهب مثبتي الأحوال صفات لا توصف بالوجود والعدم ولا ذات لها على الانفراد حتى يقال هي جائزة أو واجبة وعلى مذهب النفاة عبارات عن اختصاصات المعاني بالمحال بحيث يعبر عنها بالأسامي وهي على المذهبيين لا يطلق عليها الجواز والوجوب من حيث هي أحكام بل الوجوب إليها أقرب فإنها بالنسبة إلى عللها واجبة سواء قدرت قديمة أو حادثة فكون العالم عالما بعد قيام العلم بالمحل ليس بجائز بل واجب لأنه من حيث هو حكم العلم لا ذات له فلا يتطرق إليه الجواز والإمكان ومن حيث هو ذو العلم يتطرق إلى ذي العلم الجواز إذ يجوز أن يكون ذا علم ويجوز أن لا يكون والجواز من هذا الوجه لا يعلل البتة بل ينسب إلى الفاعل حتى يخصص بأحد طرفي الجواز فهو إذا من حيث أنه جائز لا يعلل بعلة ولو وجب تعليل كل جائز بعلة وتلك العلة أيضا تعلل بعلة فيؤدي إلى ما لا نهاية له ولست أقول لا ينسب إلى فاعل وأن نسبة الجائز في أن يوجد إلى فاعل ليس كنسبة العالمية في أن توجب إلى علم فليفرق الفارق بين تعليل الأحكام بالعلل وبين تعلق المقدور بالقدرة فإن بينهما بونا عظيما وأمدا بعيدا فلا يجوز أن يقتبس حكم أحدهما من الآخر ولا أن يطرد حكم أحدهما في الثاني إلا أن يمنع مانع أصل التعليل ويرفع العلة والمعلول ولا نقول بهما في الشاهد والغائب وذلك كلام آخر ومن نفا الحال وكونها صفة ثابتة في الأعيان لم يصح إثبات العلة والمعلول على أصله تحقيقا فإنه لم يبق إلا عبارة أعيانا محضة أو وجه اعتبار عقلي فلا معنى لكون العالم عالما على أصله إلا أنه شيء ما له علم وليس العلم يوجب حكما زائدا على نفسه فيقال أي شيء يعني بكونه فاعله أهي مقتضية شيئا أم غير مقتضية وإن اقتضت أهي تقتضي نفسها أم غيرها فإن اقتضت نفسها فذلك سفسطة وإن اقتضت غيرها أفهو موجود أو حال أو جهة لا توصف بالوجود والعدم والكلام على الأمرين ظاهر فقد تكلمنا على ذلك في مسئلة الحال بما فيه مقنع ونقول ها هنا إن سلم مسلم كون العلم علة العالمية في الشاهد وألزم الطرد والعكس حتى إذا ثبت العلم وجب كون المحل عالما وإذا ثبت كون المحل عالما لزم وجود العلم.
أجاب بأن الطرد والعكس شاهدا وغائبا إنما يلزم بعد تماثل الحكمين من كل وجه لا من وجه دون وجه والخصم ليس يسلم تماثل الحكمين أعني عالمية الباري تعالى وعالمية العبد بل لا تماثل بينهما إلا في اسم مجرد وذلك أن العلمين إنما يتماثلان إذا تعلقا بمعلوم واحد والعالميتان كذلك ومن المعلوم الذي لا مرية فيه أن عالمية الغائب وعالمية الشاهد لا يتماثلان من كل وجه بل هما مختلفان من كل وجه فكيف يلزم الطرد والعكس والإلحاق والجمع أليس لو ألزم طرد حكم للعالمية في الغائب من تعلقها بمعلومات لا تتناهى وحكم القادرية في الغائب من صلاحية الإيجاد والتعلق بالمقدورات التي لا تتناهى إلى غاية حتى يحكم على ما في الشاهد بذلك لم يلزم فلذلك احتياج العالمية في الشاهد إلى علة لا يستدعي طرده في الغائب فإذا لا تعويل على الجمع بين الشاهد والغائب بطريق العلة والمعلول بل إن قام دليل في الغائب على أنه عالم يعلم قادر بقدرة فذلك الدليل مستقل بنفسه غير محتاج إلى ملاحظة جانب الشاهد.
Shafi 62