Ƙarshen Ƙoƙari a Ilimin Magana
نهاية الإقدام في علم الكلام
Nau'ikan
وأما ما قدروه من تنازع المتنازعين في مسئلة عقلية فذلك لعمري من مستحسنات العقول من حيث أن أحدهما علم والثاني جهل لا من حيث أن أحدهما مكتسب له مستوجب على كسبه ثوابا على الله تعالى لأنهما وإن اقتسما صدقا وكذبا وعلما وجهلا لم يستوجبا بشروعهما في النظر ومخاصمتهما على تجاذب الكلام على الله تعالى ثوابا وعقابا ولم يعرف بمجرد المناظرة أن حكم الله في حقهما إذا كان الشروع جائزا أو محرما بل يتعارض الأمر بين الجواز والتحريم فوجه الجواز فيه أنه اشتغال بالنظر والنظر متضمن للعلم والعلم محمود لنفسه وجنسه والطريق المحمود محمود ووجه التحريم فيه أنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه واشتغال بالنظر وهو مخاطرة وربما يخطي وربما يصيب وإن أخطأ فربما يحصل له الجهل والجهل مذموم لجنسه ونفسه فمن هذا الوجه أوجب العقل التوقف ومن ذلك الوجه أوجب الشرع والأمر فيه متعارض وما يستقبح أحدهما من الثاني ليس استقباحا يتنازع فيه.
وقولهم ما يحسن من العقل يحسن من حيث الحكمة فيجب على الله حكمة لا تكليفا.
قلنا ما المعنى بقولكم يجب على الله تعالى من حيث الحكمة وما معنى الحكيم والحكمة فإن عندنا وقوع الفعل على حسب العلم حكمة سواء كان فيه مصلحة وغرض أو لم يكن بل لا حامل للمبدع الأول على ما يفعله فلو كان فالحامل فوقه والداعي أعلى منه بل فعله وصنعه على هيئة يحصل منها نظام الموجودات بأسرها من غير أن يكون له حامل من خارج وغرض وداع من الغير والحكيم من فعل فعلا على مقتضى علمه والحسن والأحكام في الفعل من آثار العلم وأما الغير إذا فعل فعلا مستحسنا عنده من غير إذن المالك فليس من الحكمة وجوب المجازاة على ذلك الفعل خصوصا والمالك لم ينتفع بذلك المستحسن ولا اكتسب زينة وجمالا والحال عنده إن فعل وإن لم يفعل على وتيرة واحدة.
وبقي أن يقال إذا لم يرجع إلى المالك نفع ولا ضرر فربما يرجع إلى الفاعل فيعارض بأن يقال ذلك الفعل في الحال مشقة وكلفة مع جواز أن يخطئ فيعاقب في ثاني الحال حساب وكتاب مع جواز أن يثاب على الصواب فأي عقل يخاطر هذه المخاطرة ويقتحم هذا الاقتحام وإن رجعوا إلى عادات الناس في شكر المنعم والثناء على المحسن والتعبد للمالك والعباد للملوك أنها من مستحسنات العقول.
والجواب عنه من وجهين أحدهما أن العادة لا تكون دليلا عقليا يلزم الحكم به ضرورة بل العادات متعارضة والشكر والكفر سيان في حق من لا ينتفع بشكر ولا يتضرر بكفر والثاني أن الشكر على النعمة لا يستوجب بسببه نعمة أخرى بل هو قضاء لواجب ثبت عليه إذا أدى ما وجب عليه لم يستوجب بذلك زيادة نعمة فلا يجب على الله تعالى ثواب بسبب شكر النعمة ولهذا نقول من أنفق جميع عمره في شكر سلامة عضو واحد كان يعد مقصرا فإذا قابل قليل شكره بكثير نعم الله تعالى كيف يكون يعد موفرا وكيف يستحق على المنعم زيادة نعمه وكذلك حكم جميع العبادات في مقابلة النعم السابغة قليل في كثير ولا يستوجب بسببها ثواب.
Shafi 132