Ƙarshen Ƙoƙari a Ilimin Magana
نهاية الإقدام في علم الكلام
Nau'ikan
والرابع أن الخبرين عن أحوال الأمتين مختلف لاختلاف حال الأمتين وكيف يتصور أن تكون حالتان مختلفتان فيخبر عنهما بخبر واحد وكيف يكون الخبر أمرا ونهيا وكيف يكون أمر ونهي خبرا واستخبارا ووعدا ووعيدا وأنكم إن حكمتم بأن الكلام واحد فقد رفعتم أقسام الكلام ولا يعقل كلام إلا وأن يكون إما أمرا ونهيا وإما خبرا واستخبارا وردكم أقسام الكلام إلى أوصاف واعتبارات تارة وإلى تعبيرات وعبارات أخرى غير سديد أما الاعتبارات العقلية فباطلة لأن المعقول من أقسام الكلام ذوات مختلفة وحقائق متباينة فإن القصة التي جرت ليوسف وإخوته صلوات الله عليهم أجمعين غير القصة التي جرت لآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى فالخبر عما جرى في حق شخص كيف يكون عين الخبر الذي جرى في حق شخص آخر والأوامر والنواهي التي توجهت على قوم أخر في دور نبي مخصوص غير الأوامر التي توجهت على قوم أخر في دور آخر فكيف يمكنكم القول باتحاد الأخبار كلها على اختلافها في خبر واحد والقول باتحاد الأوامر على تفاوتها في أمر واحد ثم كيف يمكنكم الجمع بين معنى الخبر وحقيقته أنه خبر عما كان أو سيكون من غير اقتضاء وطلب وبين معنى الأمر وحقيقته أنه اقتضاء وطلب لأمر لم يكن حتى يكون فليس في الخبر حكم واقتضاء وليس في الأمر خبر وإنباء وبين النوعين فرق ظاهر فكيف يمكن القول باتحادهما نعم هما يتحدان في حقيقة الكلامية لكنهما يختلفان بالنوعية كالحيوانية والإنسانية والعرضية واللونية فمن رد الكلام بأنواعه وأقسامه إلى الخبر فقد أبطل الاقتضاء وعطل الحكم والطلب ومن رد الكلام إلى الأمر فقد أبطل معنى الخبر وعطل القصص ومن المعلوم أن النوعين موجودان في جنس الكلام ومذكوران في الكتب الإلهية وأما من رد الاختلاف والكثرة فيهما إلى العبارات فقد أبعد النجعة فإن العبارات إن طابقت المعاني خبرا لمخبر وأمرا لمأمور ونهيا عن منهي فقد تعددت المعاني تعدد العبارات وإن لم تطابق فليست هي تعبيرات عنها وإنما هي عبارات لا معنى لها وذلك كلام المجانين وإما أستر وأحكم إلى تمثل الروحاني بالجسماني وتشكل الملك بالبشر وظهور المعنى بالعبارات فذلك في أسماعنا شبه كلمات وكلمات فارغة فما التمثل والتشكل وكيف الظهور والتبين حققوا لنا ذلك إن كانت العبارة مشتملة على حقيقة وإلا فالمعلومات لا تحتمل أمثال هذه المجازفات والذي عندنا أن جبريل شخص لطيف يتكاثف فيتراءى للبصر كالهوى اللطيف الذي لا يرا فيتكاثف فيرا سحابا أو نقول بإعدام وإيجاد لا يتمثل ويتشخص وبالجملة جوهر واحد لا يصير جواهر إلا بانضمام جواهر إليه ونحن لا نعقل من الجواهر إلا المتحيز والمتحيزان لا يتداخلان فلا معنى لما تمسكتم به.
قالت الأشعرية ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى أن كلام الباري في الأزل لا يتصف بكونه أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا إلا عند وجود المخاطبين واستجماعهم شرائط التكليف فإذا أبدع الله العباد وأفهمهم كلامه على قضية أمر وموجب زجر أو مقتضى خبر اتصف عند ذلك بهذه الأحكام فهي عنده من صفات الأفعال بمثابة اتصاف الباري تعالى فيما لا يزال بكونه خالقا ورازقا فهو في نفسه كلام لنفسه أمر ونهي وخبر وخطاب وتكليم لا لنفسه بل بالنسبة إلى المخاطب وحال تعلقه وإنما يقول كلامه في الأزل يتصف بكونه خبرا لأنا لو لم نصفه بذلك خرج الكلام عن أقسامه ولأن الخبر لا يستدعي مخاطبا فإن الرب تعالى مخبر لم يزل عن ذاته وصفاته وعما سيكون من أفعاله وعما سيكلف عباده بالأوامر والنواهي.
وعند أبي الحسن الأشعري كلام الباري تعالى لم يزل متصفا بكونه أمرا ونهيا وخبرا والمعدوم على أصله مأمور بالأمر الأزلي على تقدير الوجود ثم قال في دفع السؤال إذا لم يبعد أن يكون المأمور به معدوما لم يبعد أن يكون المأمور معدوما وعضد ذلك بأنا في وقتنا مأمورون بأمر الله تعالى الذي توجه على المأمورين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لم يبعد أن يتأخر وجود المأمور عن الأمر بسنة لم يبعد أن يتأخر عنه بأكثر ولم يزل.
Shafi 105