وكالعادة ما كاد السؤال يخطر بباله حتى قفز إلى لسانه وقال: اعذريني، ليس هذا محاولة مني للتدخل في شئونك الخاصة، ولكن لماذا لا يقيم زوجك معك؟
وتلكأت قبل أن تفتح فمها لتجيب، ومع أنه لم يعرفها إلا مع دقائق قليلة، إلا أنه كان قد بدأ يدرك بعض عاداتها. وعلى هذا عرف أن تلكؤها معناه أنها محرجة وأن لا داعي للسؤال.
وهكذا ولينقذ الموقف ... ولينقذ هذا النسيج الدقيق الواهي الذي يربطه بها ولا يريده أبدا أن ينقطع، والذي قد يقطعه سؤال سخيف محرج أو كلمة غير مناسبة. أتبع بسؤال آخر عن كنه عملها.
وقالت له إنها تعمل سكرتيرة مدير إحدى الشركات الكبرى التي تنتج الأدوات الكهربائية والإلكترونية. وليزيل كل ما تبقى من الحرج قال لها وقد استبدت به القفشة المصرية: آه. لعل هذا هو السبب في أني أحس أني مكهرب وأنا جالس بجوارك.
فضحكت وقالت: حذار إذن فقد تصاب بصدمة.
وبتلك الجملة منها أصبح درش كالهبلة حين تمسك الطبلة، فقد رد عليها قائلا وهو يزداد التصاقا بها: المصيبة أني المريض الوحيد في العالم الذي يتمنى لو يصاب بها.
وحين طقطقت بشفتيها محتجة، ازداد التصاقا بها وهو يقول: أعتقد أني فعلا في حاجة إلى صدمة أخرى.
وكل هذا يحدث في غمرة الخجل من جانبها والخجل من جانبه، وأنصاف الكلمات، والوجوه التي تتفادى أن تلتقي حتى لا ترتبك، إلى آخره.
ومن تلك اللحظة بدأ درش يعاملها كما لو كان قد عرفها من عام، فالكلفة رفعت نهائيا وأصبح لا يهتم بوقع أسئلته عليها ولا ما يمكن أن تأخذه عليه، ولكنه في واقع الأمر كان يفعل هذا في الظاهر فقط، أما في أعماق نفسه فقد كان لا يزال مرتبكا ولا يزال غير متأكد إن كانت قد رضيت به وقبلته فعلا، أو أن ما يراه منها إن هو إلا سلوك عادي لا يمكن أبدا أن يؤدي إلى الشيء الذي يحلم به.
وكالعادة ترك درش تحديد الوضع للأحداث المقبلة، فمحطتها لا شك تقترب، وقد انتوى أن يهبط معها في نفس المحطة.
Shafi da ba'a sani ba