بل طبيبة ومعالجة نفسية، وأرجوك، هذه بطاقتي، اقرأها بسرعة فثمة أناس قادمون، وأنا لا أريد مشاكل لي أو لك. ((تدفع بالبطاقة، البطاقة لا يمكن تزويرها، عليها صورتها بالألوان، مستشفى سنترال بارك، باميللا جراهام، سيكولوجست معالجة نفسية) المستشفى واحد من أكبر مستشفيات نيويورك، بل أمريكا، البطاقة حقيقية. المرأة هي امرأة الكافتيريا البار فعلا، مجرد وجود البطاقة قلب الأمور رأسا على عقب، ما كان يبدو تبذلا خفيا في ملامحها أصبح له عمق ثقافي. الاحتقار الهائل توقف وانتفضت الحيرة كنافورة مياه ساخنة طال اختزانها تحت سطح الأرض.
أول خاطر داهمه أن حديثها معه الليلة لم يكن وليد الصدفة المحضة، وأنها مسائل مرتبة، ووجود إنسان من العالم الثالث في مثل تلك المجتمعات المتقدمة، حتى في جرائمها متقدمة، يجعله طوال الوقت يعيش حالة التوجس القصوى.
إذن هي مسلطة عليه، أو ربما اختيرت خصيصا لاغتياله؛ فهم بارعون حقا يعرفون أن نصف عقل الرجل الشرقي يطير لمجرد أن هذه امرأة، وأن النصف الآخر من السهل إلغاؤه إذا داعبت، حتى بأصبعها الخنصر، جلده.
أما أن كونها امرأة فيعني أنها وسيلة غير مضمونة للقتل أو لما هو أدهى، فتلك أيضا خدعة أخرى؛ فالمرأة، في مثل هذا المجتمع الشرس المتقدم، تعلمت من الرجل الشراسة، بل أصبحت هي التي تسقيه إياها.
فجأة يضحك ضحكة، نصفها حقيقي صادر من القلب، ونصفها كذب مبالغ فيه يغطي به خوفه.)
هو (محدثا نفسه) :
ولماذا يفكر أحد في قتلي هنا؟ ولماذا يلجئون إلى طبيبة نفسية متنكرة على هيئة فتاة ليل، أو فتاة ليل متنكرة على هيئة طبيبة نفسية، لتنفيذ مؤامرة اغتياله، وقد كان هناك ما هو أبسط؟ (ثم لماذا يقتلونه أصلا؟!
ومن هم الذين يهمهم قتله؟
بل حتى إذا كان السبب السرقة فهو لا يملك الآن سوى سبعة دولارات وبعض أرباع الدولار، ثم «شيكات سياحية» لا يستطيع أحد صرفها سواه.
فعلا، إنسان قادم من العالم الثالث بكل هواجسه ووساوسه، وله كل الحق، تجاه عالم أول متقدم، وأكثر وأعظم علامات تقدمه سهولة ارتكاب الجرائم فيه، رغم كل احتياطات الأمن ونعيق بوم عربات البوليس والإسعاف والمطافي. كلما نعق البوليس ازدادت المطاوي والمسدسات وكثر قطاع الطرق. الإنسان العادي، والغريب بالذات، مشدود العقل والأعصاب بين بوليس ينعق بلا فائدة، وجرائم ترتكب في صمت وبيد مجهول، وهكذا المهزلة، البوليس معروف ينعق، والمجرم كامن ينقض لا يعرف أحد متى ولا كيف يظهر.
Shafi da ba'a sani ba