نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة:
الحنفي - المالكي - الشافعي - الحنبلي
وانتشارها عند جمهور المسلمين
تأليف
العلامة أحمد تيمور باشا
- عدد الأجزاء: ١.
- عدد الصفحات: ٩٦.
أعده للمكتبة الشاملة / توفيق بن محمد القريشي، - غفر الله له ولوالديه -.
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي].
نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفي - المالكي - الشافعي - الحنبلي وانتشارها عند جمهور المسلمين تأليف العلامة أحمد تيمور باشا تقديم الشيخ محمد أبو زهرة دار القادري
نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفي - المالكي - الشافعي - الحنبلي وانتشارها عند جمهور المسلمين تأليف العلامة أحمد تيمور باشا تقديم الشيخ محمد أبو زهرة دار القادري
Shafi da ba'a sani ba
نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة:
الحنفي - المالكي - الشافعي - الحنبلي
وانتشارها عند جمهور المسلمين
1 / 1
الطبعة الأولى:
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
دارالقادري للطباعة والنشر والتوزيع
بيروت - لبنان.
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
مُقَدِّمَةُ النَّاشِرِ:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: فإن دراسة تاريخ التشريع الإسلامي أصبحت عِلْمًا مستقلًا في العصر الحديث، وأول من كتب في هذا المجال الشيخ محمد الخضري - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، وذلك في كتابه الرائد " تاريخ التشريع الإسلامي " وتبعه الشيخ السبكي والشيخ السايس والشيخ البربري في كتابهم القيم الذي يحمل العنوان نفسه، إلى أن جاء العلامة الجليل الشيخ محمد أبو زهرة فكتب " تاريخ المذاهب الإسلامية " العقدية والفقهية، ثم أفرد لكل إمام من أئمة المذاهب تصنيفًا مستقلًا تكلم فيه عن حياته وفقهه وآرائه التي انفرد بها، فسد بعمله الجليل ثغرة في مكتبتنا
1 / 5
الإسلامية كان يستغلها المستشرقون وأذنابهم للنيل من الشريعة الإسلامية الغراء.
وتأتي أهمية دراسة تاريخ التشريع من النواحي التالية:
الأولى: أنها توضح كيفية نشأة هذه المذاهب، وكيف ازدهرت وما هي الآفات الدخيلة عليها. فنحن نعلم أن الأئمة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - عاشوا في قرن واحد تقريبًا في بيئات متقاربة، فالإمام أبو حنيفة قد التقى بالإمام مالك في مدينة رسول الله ﷺ وافترقا عن صداقة حميمة وإعجاب كل منهما بصاحبه في علمه وورعه ودينه (١). كما أن الإمام الشافعي تتلمذ على يدي الإمام مالك من جهة وعلى يدي الإمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة، وكان يُكِنُّ لهما الإعجاب الكثير والاحترام الكبير، أما الإمام أحمد بن حنبل فقد تتلمذ أولًا على الإمام القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم كبير أصحاب الإمام أبي حنيفة ثم على يدي الإمام الشافعي وذلك قبل أن يستقل بمذهب خاص به.
فهؤلاء هم الأئمة كانوا على قلبٍ واحدٍ وعلمًا وغاية، وإن اختلفت الطرق التي أوصلتهم إلى مقصدهم الواحد ولم يكن اختلافهم عن تشهي وإظهار للذات بل كان ضرورة أملاها عليهم الدين والورع ونشدان الحق، ومع ذلك فقد اتفقت أصولهم التي عليها أسسوا فقههم وإن اختلفوا في الفروع.
_________
(١) انظر كتاب " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
1 / 6
والأئمة وإن تشابهوا في السجايا من دين وورع وتقوى وذكاء واستعداد عظيم للحفظ والفهم والاستنباط فإنهم تميزوا بأن احتفظ كل واحد منهم بخصيصة تَفَوُّقٍ بها على الآخرين، فالإمام أبي حنيفة أعلى الأئمة جميعًا مقدرة على استنباط علل الأحكام والقياس عليها، واستخراج القواعد الناظمة للفروع. والإمام مالك أعلم الأئمة جميعًا بالسنن العلمية والعُرْفِ الذي كان في عصر التشريع، ومن هنا كان عمل أهل المدينة بمثابة الحديث المتواتر المنقول نَقْلًا عَمَلِيًّا، وكذلك الإمام الشافعي كان أكثر الأئمة قدرة على استنباط الأحكام من النصوص، كيف لا وهو الذي احتج اللغويون بكلامه، وقال فيه الجاحظ: «نظرت في كلام هؤلاء النبغة فلم أر أحسن تأليفًا من المُطَّلَبِيِّ كأن لسانه ينثر الدر». أما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة حفظًا للنصوص سواء كانت أحاديث نبوية أو آثارًا عن الصحابة أو فتاوى للصحابة أو التابعين، ومن هنا جاءت المذاهب الفقهية الأربعة مكملة لبعضها البعض فما أشبهها بمائدة عليها أطايب الطعام من صنوف شتى يتخير الآكل ما لذ وطاب.
أما آفتها الدخيلة عليها فهو التعصب المذهبي الذي يزعم أن الحق محصور في مذهب من هذه المذاهب ليوجب على المسلمين المتذهب به؛ كالذي فعله صاحب كتاب " مغيث الخلق في بيان المذهب الحق " في حصر الحق في المذهب الشافعي، وكالذي فعله صاحب " النكت الظريفة في ترجيح مذهب أبي حنيفة " فهو أمر لا يتفق مع الدين أولًا ولا مع المذاهب ثانيًا، فلو عرضت هذه العصبيات على الأئمة
1 / 7
أنفسهم لحاربوها أشد المحاربة وَعَزَّرُوا أصحابهاعلى رؤوس الأشهاد.
إن في سيرة الأئمة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد قدورة لكل مسلم غيور على الحق ناصح لدينه ليتعلم منهم آداب العلم والتلقي والحوار والاتفاق على الحق والاختلاف في طلبه، وما أجد المسلمين اليوم أن لا يقتصروا في تعلم أحكام دينهم على مذهب واحد بل يجعلوا المذاهب الأربعة مذهبًا واحدًا وأقوال الأئمة أقوالًا في المذهب، المذهب الإسلامي الجامع ويتخيروا منها ما قويت حجته ووضحت دلالته.
الثانية: أن التشريع الإسلامي كان يتطور استجابة للأوضاع الاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية المتطورة عبر العصور فهو الصورة المدونة عنها ودراسته مفيدة جِدًّا لمعرفة تلك الأوضاع عبر القرون وعبر الأفكار الإسلامية كلها. وفي هذا دلالة على صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان.
الثالثة: أن دراسة تاريخ التشريع هو جزء من دراسة تاريخنا العام الذي هو جزء من شخصية الأمة بل مَعْلَمٌ من أهم معالمها الأصيلة.
الرابعة والأخيرة: أن هذا الجانب من الدراسات كان مَرْتَعًا للمستشرقين لنفثوا سمومهم ويكيدوا للأمة ويطعنوا في دينها فدراسته من قبل المسلمين أنفسهم يقطع الطريق على أدعياء العلم وأعدائه من المستشرقين وأذنابهم ويكشف زيفهم وذيفانهم، وإضاءة هذه النقاط المجهولة من تاريخنا الفكري كافية لحمل خفافيش الاستشراق على الفرار
1 / 8
من الساحة وإبطال سحرهم ومكرهم فهم لا يتواجدون إلا في الأماكن المظلمة، أما تحت الأنوار الساطعة فليس لهم جرأة على الظهور (١).
لكل ما سلف يأتي كتاب " نظرة عامة في نشأة المذاهب الفقهية الأربعة " لأحمد تيمور باشا في مقدمة الدراسات التي ينبغي على المسلمين أن يتعرفوا عليها لما لهذه الدراسة من خصائص كثيرة شرحها وَبَيَّنَهَا الشيخ محمد أبو زهرة في مقدمته للكتاب: ص ١٩ - ٤٦.
سبق أن نشر الكتاب لأول مرة في مجلة " الزهراء " التي كان يصدرها العلامة محب الدين الخطيب بالقاهرة ثم نشرها مرة ثانية في رسالة مستقلة سنة ١٣٤٤ هـ - ١٩٢٦ م، وطبعت في المطبعة السلفية بالقاهرة، وكذلك الطبعة الثالثة سنة ١٣٥١ هـ - ١٩٣٣ م، أما الطبعة الرابعة فقد أشرفت عليها لجنة نشر المؤلفات التيمورية وطبعتها في مطابع سجل العرب بالقاهرة سنة ١٣٨٩ هـ - ١٩٦٩ م.
ولما لهذا الكتاب من أهمية ونظرًا لنفاده من الأسواق حرصنا على إعادة طبعه فحافظنا على مقدمة الشيخ محمد أبو زهرة - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لأنها أغنت الكتاب بما فيها من عِلْمٍ، وصححنا الأغلاط المطبعية وغيرها، ونبهنا على ذلك في مواضعه.
ثم إن الشيخ محمد أبو زهرة ذكر في مقدمته سبعة أحاديث أذكر هنا تخريجها باختصار
_________
(١) انظر مقدمة الشيخ محمد أبو زهرة لهذا الكتاب: ص ٢٧.
1 / 9
١ - ص (٢٠) «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» قال الألباني في " الأحاديث الضعيفة والموضوعة ": رقم (٥٨) و(٥٩) و(٦٠) و(٦١): حديث موضوع.
٢ - ص (٢٠) «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا [ثُمَّ بَلَّغَهَا عَنِّي] (*)، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ». أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أنس. قال الألباني في " صحيح الجامع " رقم (٦٦٤١): صحيح.
٣ - ص (٢١): «لِلْمُجْتَهِدِ إِذَا أَصَابَ أَجْرَانِ وَإِذَا أَخْطَأَ أَجْرٌ وَاحِدٌ» (**). أخرجه البخاري في الاعتصام - باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، رقم ٧٣٥٢، ومسلم في الأقضية - باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، رقم (١٧١٦). وغيرهما من حديث عمرو بن العاص ﵁ ولفظه: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ [ثُمَّ أَصَابَ] فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ [ثُمَّ] أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
٤ - ص (٢١) حديث معاذ، أخرجه أبو داود في الأقضية - باب اجتهاد الرأي في القضاء رقم (٣٥٩٢) و(٣٥٩٣). والترمذي في الأحكام - باب ما جاء في القاضي كيف يقضي رقم (١٣٢٧) و(١٣٢٨) وقال: حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل. وقال الألباني في " الضعيفة " رقم (٨٨١): منكر، وَأُعِلَّ هَذَا الحَدِيثُ بعلل ثلاث: الإرسال، وجهالة أصحاب معاذ، وجهالة الحارث بن عمرو. اهـ مختصرًا.
_________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) هكذا ورد، انظر " صحيح الجامع الصغير وزياداته " الطبعة الثالثة: ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م: ص ١١٤٥ حديث رقم ٦٧٦٥ - ٢٣٠٨ - نشر المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان. دمشق - سورية.
(**) انظر " الجامع الصحيح " للإمام البخاري، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: (٩٦) كِتَابُ الاِعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (٢١) بَابُ أَجْرِ الحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ، حديث رقم ٧٣٥٢، (" فتح الباري بشرح صحيح البخاي " ١٣/ ٣١٨، طبعة سَنَةَ ١٣٧٩ هـ، نشر دار المعرفة. بيروت - لبنان).
- " الجامع الصحيح " للإمام مسلم، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي: (٣٠) كِتَابُ الأَقْضِيَةِ (٦) بَابُ بَيَانِ أَجْرِ الحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ، أَوْ أَخْطَأَ، حديث رقم ١٧١٦، ٣/ ١٣٤٢، الطبعة الثانية: ١٩٧٢ م، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.
1 / 10
٥ - ص (٢٢): «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». حديث صحيح متواتر رواه عن النبي ﷺ ثمانية وتسعون صحابيًا وقد أشار إلى تخريجه في دواوين السنة السيوطي في " الجامع الصغير ". وأشير هنا إلى أن الحديث أخرجه البخاري في العلم - باب إثم من كذب على النبي ﷺ، رقم (١٠٧) من حديث الزبير بن العوام ﵁ ولكن ليس فيه لفظ «مُتَعَمِّدًا». وأخرجه باللفظ المذكور مسلم في المقدمة - باب تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ رقم (٤) من حديث أبي هريرة ﵁. انظر كلام الحافظ في " الفتح ": ١/ ٢٠٠ ط. السلفية.
٦ - ص (٢٦) «إِنَّ المَلاَئِكَةَ تَحُفُّ بِأَهْلِ العِلْمِ». معنى حديث أخرجه ابن حبان من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ﵄ مَعًا ولفظه: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». قال الألباني في " صحيح الجامع " رقم (٥٤٨٤): صحيح.
٧ - ص (٤٠): «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ». قال السخاوي في " المقاصد " رقم (١١٨٢): رواه البيهقي في " الشعب " من حديث وهب بن راشد حدثنا فرقد السبخي عن أنس رفعه: «مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ»، وهو عند الطبراني وأبي نعيم في " الحلية ". قلتُ: قال في " الميزان " وهب بن راشد قال ابن عدي: ليس حديثه بالمستقيم، أحاديثه كلها فيها نظر، وقال النسائي: متروك. اهـ.
1 / 11
وقد تطرق الأستاذ أحمد تيمور باشا لعقائد الحنفية وذكر في ص ٦٠ كلام السبكي أن الحنفية أكثرهم أشاعرة لا يخرج منهم إلا من لحق بالمعتزلة.
قلتُ: في هذا الكلام نظر بل أغلبهم مَاتُرِيدِيَّةٌ ومنهم أثريون سلفيون كالطحاوي وابن أبي العز الحنفي شارح " الطحاوية " وَمُلاَّ علي القاري.
ثم قال: وكأنه يريد أن خلافهم في هذه المسائل لا يخرجهم عن كونهم أشعرية وإن تسموا بالماتريدية لتصريحه بعد ذلك بأنها كالمسائل التي اختلف فيها الأشاعرة فيما بينهم ولأن المسائل الثلاث عشرة لم تثبت جميعها عن الشيخ ولا عن الإمام أبي حنيفة.
قلتُ: بل الخلاف وقع بينهم في أربعين مسألة استوفاها شرحًا واستدلالًا الشيخ زاده - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه " نظم الفرائد وجمع الفوائد في بيان المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الماتريدية والأشعرية في العقائد مع ذكر أدلة الفريقين " (*) وهو كتاب مطبوع في مصر بالمطبعة الأدبية سنة ١٣١٧ هـ.
كما تطرق لعقائد المالكية ص (٦٩) وأزيد فأقول إن الإمام الباقلاني وهو من مؤسسي المذهب الأشعري كان مالكيًا.
ثم قال عن عقائد الحنابلة ص (٨٤): إن أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعري إلا من لحق بأهل التجسيم. اهـ.
_________
تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ:
(*) طبع الكتاب طبعة أولى على ذمة أحمد ناجي الجمال، ومحمد أمين الخانجي الكتبي وأخيه، ومحمد راغب بن الشيخ عبد الملك الكتبي، بالمطبعة الأدبية بسوق الخضار القديم بمصر سنة ١٣١٧ هجرية، (٦٣ صفحة).
1 / 12
قلتُ: في هذا الكلام نظر بل أكثر الحنابلة أثريون سلفيون ابتعدوا عن علم الكلام ومقالاته ولم يخوضوا فيها خاض فيه الأشاعرة أو الماتريدية وبقوا في بر الأمان مع النصوص وآثار السلف فهم سلفيون أثريون ومن نظر في كتبهم (١) عرف ذلك عنهم.
وختامًا أقول: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
عبد البديع القادري
دمشق: ٤/ ٦ / ١٤١٠ هـ.
١/ ١ / ١٩٩٠ م.
1 / 13
أحمد تيمور باشا
(١٢٨٨ - ١٣٤٨ هـ = ١٨٧١ - ١٩٣٠ م)
أحمد بن إسماعيل بن محمد تيمور، عالم بالأدب، باحث، مؤرخ مصري من أعضاء المجمع العلمي العربي، مولده ووفاته بالقاهرة من بيت فضل ووجاهة. كردي الأصل، مات أبوه وعمره ثلاثة أشهر، فربته أخته «عائشة» وسمي حين ولد «أحمد توفيق» ودعي في طفولته بتوفيق، ثم اقتصروا على أحمد تيمور، تلقى مبادئ العلوم في مدرسة فرنسية، وأخذ الأدب عن علماء عصره، وجمع مكتبة قيمة، وكان رَضِيَّ النفس كريمها، متواضعًا في انقباض عن الناس، توفيت زوجته وهو في التاسعة والعشرين من عمره، فلم يتزوج بعدها مخافة أن تسيء الثانية إلى أولاده وانقطع إلى خزانة كتبه ينقب فيها ويعلق ويفهرس إلى أن أصيب بفقد ابن له اسمه «محمد» سنة ١٣٤٠ هـ فجزع ولازمته نوبات قلبية انتهت بوفاته، من كتبه:
١ - " التصوير عند العرب ".
٢ - " نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية ".
1 / 14
٣ - " تصحيح لسان العرب ".
٤ - " اليزيدية ومنشأ نحلتهم ".
٥ - " تاريخ العلم العثماني ".
٦ - " ضبط الأعلام ".
٧ - " البرقيات للرسالة والمقالة ".
٨ - " لعب العرب ".
٩ - " قبر السيوطي ".
١٠ - " أبو العلاء المعري وعقيدته ".
١١ - " الألقاب والرتب ".
١٢ - " معجم الفوائد " (وهو الأم لمؤلفاته) (مخطوط).
١٣ - " الآثار النبوية ".
١٤ - " أعيان القرن الرابع عشر ".
١٥ - " الأمثال العامية المصرية ".
١٦ - " الكنايات العامية المصرية ".
١٧ - " تراجم المهندسين العرب ".
١٨ - " نقد القسم التاريخي من دائرة معارف فريد وجدي ".
١٩ - " التذكرة التيمورية ".
٢٠ - " السماع والقياس ".
٢١ - " أبيات المعاني والعادت ". (مخطوط).
٢٢ - " المنتخبات من الشعر العربي ".
٢٣ - " تاريخ الأسرة العربية التيمورية ".
1 / 15
٢٤ - " أسرار العربية ".
٢٥ - أوهام شعراء العرب في المعاني ".
٢٦ - " ذيل طبقات الأطباء ". (مخطوط).
٢٧ - " مفتاح الخزانة ". (مخطوط).
٢٨ - " فهرس لخزانة الأدب للبغدادي ".
٢٩ - " ذيل تاريخ الجبرتي ". (مخطوط).
٣٠ - " الألفاظ العامية المصرية ". (مخطوط).
٣١ - " قاموس الكلمات العامة "، ٦ أجزاء. (مخطوط).
نقلت مكتبته إلى دار الكتب المصرية وهي نحو ١٨ ألف مجلد، أحد الأعلام ١/ ١٠٠.
1 / 16
محمد أبو زهرة:
١٣١٦ - ١٣٩٤ هـ - ١٨٩٨ - ١٩٧٤ م
محمد بن أحمد أبو زهرة: أكبر علماء الشريعة الإسلامية في عصره. مولده بمدينة المحلة الكبرى، وتربى بالجامع الأحمدي وتعلم بمدرسة القضاء الشرعي (١٩١٦ - ١٩٢٥) وتولى تدريس العلوم الشرعية والعربية ثلاث سنوات، وعلم في المدارس الثانوية سنتين ونصفًا، وبدأ اتجاهه إلى البحث العلمي في كلية أصول الدين (١٩٣٣) وَعُيِّنَ أستاذًا محاضرًا للدراسات العليا في الجامعة (١٩٣٥) وعضوًا للمجلس الأعلى للبحوث العلمية، وكان وكيلًا لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، ووكيلًا لمعهد الدراسات الإسلامية وأصدر من تأليفه أكثر من أربعين كتابًا منها المطبوعة الآتية:
١ - " الخطابة ".
٢ - " تاريخ الجدل في الإسلام ".
٣ - " أصول الفقه ".
٤ - " الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية ".
1 / 17
٥ - " مذكرات في الوقف ".
٦ - " أبو حنيفة ".
٧ - " مالك ".
٨ - " الشافعي ".
٩ - " أحمد بن حنبل ".
١٠ - " الإمام زيد ".
١١ - " الإمام جعفر الصادق ".
١٢ - " ابن حزم ".
١٣ - " ابن تيمية ".
١٤ - " الأحوال الشخصية ".
١٥ - " الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي ".
١٦ - " الوحدة الإسلامية ".
١٧ - " تنظيم الإسلام للمجتمع ".
١٨ - " محاضرات في النصرانية ".
١٩ - " خاتم النبيين " (٣ أجزاء).
٢٠ - " المعجزة الكبرى " (القرآن).
1 / 18
دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ فِي تَارِيخِ الفِقْهِ الإِسْلاَمِيِّ:
بقلم الشيخ محمد أبو زهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
١ - الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبيه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فقد بعث الله تعالى سيدنا محمدًا النبي الأمين. فبلغ رسالة ربه، ووضح شريعته، حتى ترك الناس من بعده على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، لا يضل فيها الساري. ولا يختفي (١) الحق لطالبه من غير مصباح سَوِيٍّ، كتاب الله تعالى وسنة رسوله، إلا أن يؤتى فهمًا سليمًا، وقلبًا مشرقًا بنور الإخلاص، فإنه بهذا الاتجاه القويم يسير في الطريق إلى فهم مصادر الشرع وموارده لا عوج فيه
_________
(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب: ولا يجتلي. اهـ. الناشر.
1 / 19
وَلاَ أَمْتَ، يتعرف فيه الغايات الباعثة، والنتائج المترتبة، ويربط بين الحقائق الإسلامية في سلك علمي منتظم كالخرز في عقده، لا تنبو واحدة عن أختها.
٢ - وما انتقل النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الرفيق الأعلى حتى أنار الوجود الإنساني بالحقائق الإسلامية عقيدة وخلقًا وشريعة، ونقلها إلينا أصحابه الذين كانوا من بعده كالنجوم كاملًا.
ولقد صدق رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ قال: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ فَبِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ».
فكانوا حَمَلَةَ علم الرسول - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نقلوه إلى الأخلاف، واستجابوا للرسول، وهو يدعوهم إلى نقل كلامه إذ كما قال: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لاَ فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» أو كما قال - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإن أولئك العِلْيَةِ من أصحاب رسول الله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - هم الذين شاهدوا وعاينوا، ورأوا منازل الوحي، وعلموا مُدْرَكَاتِ النبوة علم المحس السامع المعاين، واستطاعوا بأمانة الله أن ينقلوه إلى الأخلاف مجملًا بغبار (١) الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مشرقًا بنور
_________
(١) كذا في الأصل، ولعل المعنى أنهم نقلوه بحذافيره كما قاله ﷺ. اهـ. الناشر.
تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ:
(*) رواه البيهقي وأسنده الديلمي، ورواه الدارمي وابن عدي. (" كشف الخفاء " للعجلوني: ١/ ١٤٧، و" إتحاف السادة المتقين ": ٢/ ٢٢٣. قال الدكتور نور الدين عتر - حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى -: «وَالمُرَادُ عُلَمَاؤُهُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ» انظر (هامش صفحة ٦٧) " أهم الملامح الفنية في الحديث النبوي "، مجلة مركز بحوث السُنَّة والسيرة - قطر. العدد السابع: ١٩٩٤ م.
1 / 20
النبوة وروعته!! حتى إنه لم ينته عهد الصحابة حتى نقلوا كلام الرسول - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاملًا غير منقوص، وإذا كان قد غاب عن بعضهم أحاديث فإنه لا يغيب عن جميعهم، وكما يقول الإمام الشافعي: إن كل الصحابة قد رَوَوْا كل أخبار الرسول، وأحاديثه، وفتاويه.
فإذا كان عصر النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - هو عصر تبليغ الشريعة فعصر الصحابة هو عصر حفظها، ونقلها للأخلاف غَضَّةً خِصْبَةً كما بَيَّنَهَا النبي الأمين.
ولم يكن عمل الصحابة - رَضِيَ اللهُ ﵎ عَنْهُمْ - أن ينقلوا فقط، بل كان عليهم أن يستنبطوا، وأن يجتهدوا آراءهم فيما لم يعلموا من النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - فيه أمرًا.
وقد وجههم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إلى ذلك فحث على الاجتهاد، وجعل له ثوابًا فقال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:
«لِلْمُجْتَهِدِ إِذَا أَصَابَ أَجْرَانِ، وَإِذَا أَخْطَأَ أَجْرٌ وَاحِدٌ» (*)، فهو مثوب في الحالين.
ولذا قرر العلماء أن الاجتهاد فرض كفاية على من يحسنه. ولقد قال محمد - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما روى الثقات لمعاذ بن جبل وقد أرسله قاضيًا على اليمن. قال له: «بِمَ تَقْضِي؟».
قَالَ: «بِكِتَابِ اللَّهِ».
_________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ذكر المؤلف الحديث بالمعنى، وللوقوف على الرواية، انظر " الجامع الصحيح " للبخاري: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»، وغيرها من الروايات الأخرى.
1 / 21