وصريحه:
إني لما خرجت من الأوطان، وفارقت الأولاد والإخوان والخلان، وبعدت عن المدينة الشريفة المعظمة المنيفة التي هي مسقط رأسي وميلادي، ومهبط نظارة العيش والعمر بين أسرتي وتلادي لضرورة من بوائق الزمان، وطوارق الحدثان ساقني القدر المحتوم والرزق المقسوم من تلك التربة إلى كربة الغربة ، فوصلت إلى (شيراز) حفت بالإكرام والإعزاز في أثناء خمس وأربعين وسبعمائة، قاصدا جناب سيدنا مولانا السلطان الأعظم الأعدل الأكرم الأعلم الأفخم، مالك رقاب الأمم، ملك ملوك العرب والعجم، مولى الأيادي والنعم، ومعلى ألوية الجود والكرم، الجامع بفضائله وهمته بين رتبتي العلم والعلم، والقامع لأعدائه بسطوته وباستخدام أرباب السيف والقلم، مر بي العلماء والموالي، مسند مثاني المكارم والمعالي، قبلة ذوي الإقبال، وكعبة أولي الآمال، الذي فاقت مناقبه الزاخرة العباب، وتاهت مفاخره الدائمة التسكاب عن الحصر والعد والحساب، كهف الإسلام والمسلمين، وعون الضعفاء والمساكين، عمدة الملوك والسلاطين، ظل الله في الأرضين، جمال الدنيا والدين الشيخ أبو إسحاق بن الملك السعيد المرحوم المغفور الشهيد شرف الدولة والدين محمود شاه الأنصاري (1) خلد الله ملكه، ورحم أسلافه وأعلا شأنه، ورفع قدره وأعز سلطانه، وعظم سموه واقتداره، وكثر أعوانه وأنصاره.
ولا زالت رايات نصرته على البرايا مرفوعة، وعين الكمال عن ساحة سلطنته مدفوعة، بمحمد وآله، وقد أوجز الداعي لجنابه العالي في تخطيطه الجلالة والإطناب، ولزم التعداد في الألقاب، اعتمادا على شهور تعظيمها، واكتفاء بتجواز كرمها وكريمها، وصرت ذلك إلى الدعاء، فإنه أولى ما يودى به المنعم من الأشياء، وغاية جهد أمثالي دعاء يدوم مع الليالي أو ثناء، فأطل اللهم عمره وأيد جماله، وأدر نعمتك عليه وضاعف جلاله، وأدم على كافة الأنام ظلاله، وحقق في الدارين آماله، واجعل خير من أولاه مآله، فلقد وفقته للخيرات، فقه شر الشيطان وإغوائه وإضلاله، وثبته بالقول الثابت، فقد وجه إلى كرمك بصدق الرغبة
Shafi 9