جرى بما يكون من الله إليهم حتى فرغ من الأمم السالفة، ثم كتب ما يكون من الله إلى هذه الأمة وتضاعف إحسان الله إلى هذه الأمة وحدها على إحسانه إلى سائر الخلق، ثم كتب ما يكون من خطاياهم فكانت خطاياهم أضعاف خطايا الأمم السالفة كلها، فكان فيما جرى به القلم بأمر الله أنها أمة تقتل ولد نبيها، فتعجب القلم وتحير من كثرة جرمهم وعظم إحسان الله إليهم مع ذلك، فنظر الرب إلى القلم فانشق رأسه فمن هناك صارت الأقلام تنشق رءوسها، وقال الرب: اكتب يا قلم أمة مذنبة ورب غفور.
فقال القلم: إلهي لو علمت أنك تأمرني بكتابة هذه الحروف لم أبال بما كتبته من الذنوب عليهم.
وفي رواية: لما باليت بكتابة الذنوب عليهم.
ومما خص الله به محمدا (صلى الله عليه وسلم) وأمته ما
روى أبو هريرة (رضى الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إن الله فضلني على الأنبياء وفضل أمتي على الامم، أرسلني إلى الناس كافة ونصرت بالرعب مسيرة شهر تسير بين يدي قذفه الله في قلوب أعدائي، وجعل لي الأرض كلها مسجدا وطهورا أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت» (1) .
وفي رواية: فأيما عبد أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره، وأحلت لي الغنائم» (2)
. ومما فضل الله به محمدا (صلى الله عليه وسلم) ما شرفه به وأعطاه أن خصه بمقامين عاليين رفيعين: مقام قاب قوسين أو أدنى، ومقام الشفاعة العظمى يوم القيامة في الثقلين، وهو المقام المحمود الذي أعطاه الله كما قال الله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (3) وقال: ولسوف يعطيك ربك فترضى (4) وبه ساد الخلق كلهم حتى
قال (صلى الله عليه وسلم): «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» (5)
. فيكون كل نبي مسئولا بنفسه وهو (صلى الله عليه وسلم) بها وبغيره مشفعا لأمته.
Shafi 24