والإقامة، وأمر الله من قبلنا بالصيام وأمرنا بذلك»
. ثم فضل الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) أمته بليلة القدر وخصهم بها، وأمره بالصلاة والتوجه إلى بيت المقدس في أول الإسلام ليشاركهم ويساويهم في ذلك، ثم فضله وأمته بصرفهم إلى الكعبة قبلة إبراهيم (عليه السلام)، وأعطى الله الامم المتقدمة أعمارا طويلة وكلفهم عملا شاقا وأعطاهم أجرا قليلا، وأعطاه وأمته (صلى الله عليه وسلم) في الأعمار القصيرة على الأعمال اليسيرة ضعف ما أعطى أولئك في أعمارهم الطويلة وأعمالهم الكثيرة الثقيلة، كما جاء في حديث ابن عمر (رضي الله عنهما).
أن اليهود والنصارى غضبوا وقالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء؟
قال الله: هل ظلمتكم من حقكم من شيء؟
قالوا: لا، قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء، ووصف الله أمته بأنهم خير الأمم فقال:
كنتم خير أمة أخرجت للناس (1) لأنه خير الأنبياء .
يروى أن يحيى بن معاذ الرازي (رحمه الله) حين قرأ هذه الآية قال: إلهي هذه مدحة منك، ولم يكن الله يمدح قوما ثم يعذبهم وقال تعالى: وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها (2) فجعل الله رسوله (صلى الله عليه وسلم) سبب نجاة المؤمنين، وأكمل عليهم المنة به فلما أنجاهم وأنقذهم ولا يردهم إليها (إن شاء الله).
ولما سمع بعض الأعراب هذه الآية تقرأ عند ابن عباس (رحمه الله) قال: والله ما أنقذكم منها وهو يريد أن يطرحهم فيها، فقال ابن عباس: خذوها من غير فقيه.
وهداك قال الله: الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم (3) فلما هداهم وأخرجهم من الظلمات وأنقذهم منها لا يردهم إليها إن شاء الله.
ومما خص الله به محمدا (صلى الله عليه وسلم) وأمته مع كثرة ذنوبهم وارتكابهم الجرائم واقتحامهم المهلكات العظائم، ما روي أن الله لما خلق اللوح والقلم أجراه بما يكون من سائر الامم ثم
Shafi 23