143

Nazm Durar

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

Mai Buga Littafi

دار الكتاب الإسلامي

Inda aka buga

القاهرة

الهيئة من ذلك ما هو أولى بهيئات العبيد كالذي بنيت عليه هيئة الصلاة من الإطراق في القيام ووضع اليمنى على اليسرى بحذاء الصدر هيئة العبد المتأدب المنتظر لما لا يدري خبره من أمر سيده وكهيئة الجلوس فيها الذي هو جلوس العبيد، كذلك كان ﷺ يجلس لطعامه ليستوي حال تعبده في أمر دنياه وأخراه ويقول: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد» ويؤثر جميع ما هو هيئة العبيد في تعبده ومطعمه ومشربه وملبسه ومركبه وظعنه وإقامته
﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ [آل عمران: ٣١] فبهذه الأمور من تحقق العبودية للقلب وذل النفس وانكسار الجوارح تحصل قراءة حرف المحكم والله الولي الحميد - انتهى.
ولما ثبتت هذه الأدلة فوجب امتثال ما دعت إليه ولم يبق لمتعنت شبهة إلا أن يقول: لا أفعل حتى أعلم أن هذا الكتاب الذي تقدم أنه الهدى كلام الله، قال مبينًا إنه من عنده نظمًا كما كان من عنده معنى محققًا ما ختم به التي قبلها من أن من توقف عما دعا إليه من التوحيد وغيره لا علم له بوجه، وأتى بأداة الشك سبحانه مع علمه بحالهم تنبيهًا على أنه من البعيد جدًا أن يجزم بشكهم بعد هذا البيان ﴿وإِن﴾ أي فإن كنتم من ذوي البصائر الصافية والضمائر النيرة علمتم بحقية هذه المعاني وجلالة هذه الأساليب وجزالة تلك التراكيب أن هذا

1 / 159