Nazcat Fikr Urubi
نزعة الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر
Nau'ikan
أما الآن، فإني أعتقد أن الباحثين من العلماء والفلاسفة معا لقانعون بأن حب الحقيقة إذ يدل دلالة صحيحة على نزعة العقل إلى البحث، إلا أنه غير كاف لتحديد الأساليب التي تتبع للوصول إلى المعرفة، أو إلى غاياتها العامة. «ما هي الحقيقة؟» هذا سؤال لم يعثر له العقل على جواب حتى الآن، يدل ذلك على أن الإنسان لم يعثر بعد على دستور محكم يتخذه هاديا مرشدا للبحث وراء الحقيقة.
وإنه ليكون من أبعث الأشياء على الحزن والأسى، بل إنه ليكون طامة كبرى، ومصيبة مجتاحة، لو ذهبت الفكرات الأدبية الخاصة بالبحث وراء الحقيقة، وصحة المعتقد من نفوس العمال الناشطين إلى العمل، ومن وجدان المفكرين المتوثبين إلى البحث، غير أن علمنا بمستخزنات طبيعتنا الأدبية: كحب الخير والصلاح، وحس الجمال والشعر، لا يبدأ في الوجود بمجرد تعريفها، ولا ينمو بتحديدها ونحن في سني طفولتنا، حيث نعدم القدرة على التفكير، إن كنا نستوعب معاني تلك الحاسات الأدبية من لغتنا، فإنها مع ذلك لمعان قلما تزداد في نفوسنا غورا وثباتا من طريق الفوارق المنطقية التي نستوعبها، والتي تخضع لها عقولنا في مستقبل حياتنا؛ ذلك لأن المنطق لن يتناول الماهية بأثر، في حين أنه كثيرا ما يهدم من معتقداتنا الرسيسة في نفوسنا.
لقد تبدل العلم الحديث من متجه النظر للبحث وراء الحقيقة، بأسلوب قيم للبحث والتنقيب، وذلك الأسلوب لا يدرس الدرس الوافر إلا بالاختبار والصبر على المشاهدة، كما أنه لا يستوعب بمجرد الوصف النظري. كان أول ما وضع ذلك الأسلوب في مؤلفات أولاء من أبطال العلم الحديث منذ عصر «غاليليو»
Galileo
و«نيوتن» والعصور التالية. أولئك الذين استمدوا من موحيات ذلك الأسلوب فنجحوا كل نجاح، ومن كتاباتهم وتواليفهم استمد الفلاسفة منذ عصر «باكون»
Bacon
و«كونت»
Conte
و«ميل»
Mill
Shafi da ba'a sani ba