Nazcat Fikr Urubi
نزعة الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر
Nau'ikan
لقد أبنت من قبل كيف أن التغايرات التي تنتاب عالم الفكر تتركز في عنصر اللغة المرن، وفي الأساليب التي يبتكرها العصر. إن دراسة تلك التغايرات التي انتابت الكلمات اللغوية خلال العصر، والأساليب التي تعاقبت على ثلاث اللغات الرئيسة في أوروبا - الفرنسوية والألمانية والإنكليزية - لتدلنا واضح الدلالة كيف ومتى نشأت وشبت الفكرات الحديثة، وكيف ثبتت وتحددت معانيها بكلمات أو مصطلحات لغوية. ولا يساعدنا هذا البحث على اكتناه الكيفية التي نمت وترعرعت بها الفكرة الأوروبية فحسب، بل يعرفنا كيف هاجرت الفكرات الفردية والمذاهب من أمة إلى أمة، وكيف انتقلت من شعب إلى شعب، وفضلا عن هذا فإن هذه الطريقة لتعرفنا بأية الوسائل وجدت الفكرات الفردية - التي نشأت في عقول تلك الأمم الثلاث - مكانا حريزا تنمو فيه وتلقي بذرها.
إن كل من تعمد الترجمة والنقل من إحدى هذه اللغات إلى غيرها، سواء أكان نثرا، أم غناء منظوما، أم فلسفة، أم شعرا وصفيا، لا بد من أن يكون قد عانى ضرورة الإكباب على دراسة طبيعة الفكر، أو المعنى الذي تؤديه الكلمات أو الجمل دراسة تامة، لا بد من أن يكون قد سبق إلى معرفة ما هو شائع بين اللغات جميعا، وبين ما هو خاص بكل منها، والفكرات التي تعبر عنها المصطلحات.
ينسب إلى «جوته» عادة أنه خالق تلك اللغة، وذلك الأسلوب، الذي برز فيهما أجمل ما في الأدب الألماني الحديث. ولن نعثر على كاتب آخر، سواء أفي ألمانيا أم فرنسا أم إنكلترا، أحدث ما أحدث «جوته» من التأثير البين في آداب القرن التاسع عشر، غير أننا مع هذا لا نغفل عن أن عظماء كتاب فرنسا الروائيين، وفلاسفة ألمانيا الميتافيزيين - أصحاب ما وراء الطبيعة الغيبيين - والعقول الشعرية الخيالية التي أنبتتها إنكلترا الحديثة، جماعهم قد أضافوا إلى مجموعة الكلمات، وزادوا إلى لغاتهم عددا عظيما من التعبيرات اللغوية ذوات الفائدة الجلى.
ولقد كان «لكارليل»
Carlyle
أعظم الأثر في نحت كثير من النعوت والكنى التي استمدها من اللغة الألمانية، وأدخلها في تضاعيف اللغة الإنكليزية، كذلك قد صرف «ماتيو أرنولد»
Mathew Arnold
جهده في مثل هذه السبيل؛ حيث استمد من مؤلفي الفرنسويين، مثل «سانت بوف»
Sainte-Beuve
وغيره من أعضاء «التحليل النفسي»
Shafi da ba'a sani ba