فهذا هو الأصل الذي دل عليه الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والاعتبار أن هذه الأنواع كلها أيمان فإن كان فيها معنى النذر لزم الوفاء به والوفاء إنما يقع بالمنذور أو بما هو مثله في نظر الشارع أو خير منه وإن عجز عن الأصل أتى بالبدل الممكن.
فإذا نذر الصلاة في مسجد بعينه فصلى في مسجد أفضل منه جاز كما في المسجد النبوي مع بيت المقدس وإن كان من غير المساجد الثلاثة فإنه لا يتعين مطلقا لكن يتعين لفضيلة شرعية عارضة مثل كونه عتيقا أو كثرة الجمع ونحو ذلك فهذا إذا نذر أن يصلي فيه الجماعة فينبغي أن يتعين ولا يعدل عنه إلا إلى مثله أو أفضل منه وقد يكون فضله لبعده وكثرة الخطى إليه فيتعين أيضا فحيث كان في تعينه طاعة لله ورسوله تعين لقوله صلى الله عليه وسلم «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».
واعلم أن الذين لم يوجبوا الكفارة في نذر المعصية ونذر العاجز وتحريم الحلال غايتهم أنهم لم يعلموا دليلا على الإيجاب فإنما معهم الاستصحاب ليس معهم دليل شرعي على نفي ذلك مع أنهم كلهم متناقضون.
فهذا يقول إذا حرم فرجا جعلت عليه كفارة بمجرد التحريم وإن لم يطأه وكذلك إذا حرم طعاما في أحد القولين وإيجاب كفارة بمجرد تحريم وهو لم يرد فعل ما حرم ولا فعله إيجاب بلا دليل أصلا فلا يعرف هذا القول عن أحد من السلف وهو خلاف النص والقياس.
فإن الظهار الذي هو أغلظ التحريمات إنما تجب فيه الكفارة بالعود لا بمجرد التحريم باليمين واليمين بالله لا تجب فيه الكفارة إلا مع الحنث.
وأما النذر فهم يسلمون أنه إذا قصد اليمين كان يمينا وحينئذ فمعنى اليمين موجود في قصد النذر وزيادة كما تقدم.
وأما الذين يوقعون الطلاق بلفظ الحرام مطلقا أو إذا نوى الطلاق فما قالوه ينتقض بالظهار.
Shafi 73