ونحن قد جعل الله تحريم الحلال لنا يمينا مثل قوله أنت علي كظهر أمي وكقوله والله لا وطئتك ووطؤك علي حرام مما فيه معنى الامتناع ومعنى التحريم ولهذا كان منكرا من القول وزورا ليس له أن يتكلم به ولا يطلق فيه كما كانوا يطلقون فيه في الجاهلية فإن المطلق مقصوده إرسالها والطلاق لا يحرمها عليه بل له رجعتها في العدة وله تزوجها بعد العدة والتحريم يوجب أنه لا يطؤها ولا تبقى زوجته ولا يتمكن من رجعتها وتزوجها وهذا إبطال لحكم الله ورسوله فهو شرط يخالف كتاب الله وكتاب الله أحق وشرط الله أوثق كما إذا حرم طعامه وشرابه فإن هذا غير ممكن ولو زال ملكه عنه فإنه يباح له أكل مال الغير بإذنه وهذا يقتضي أنه لا يحل له بحال وهو ممتنع.
كذلك إذا قال لسريته أنت علي حرام فهذا الكلام باطل لأنه لو أعتقها لم يحرم عليه أن يتزوجها وهذا الكلام يقتضي تحريم وطئها بالملك والنكاح وهذا لا سبيل إليه.
فلما كان هذا الكلام في نفسه منكرا من القول في الإنشاء وزورا في الخبر أبطله الشارع وجعله منكرا لأنه يقتضي تحريم ما لم يحرمه الله وزورا لأنه يقتضي أن تكون زوجته مثل أمه وهذا باطل ولو طلقت فإن المطلقة لا تكون مثل الأم ولهذا كان مذهب أحمد أن الحرام صريح في الظهار فإن قوله أنت علي حرام منكر من القول وزور إذ لو طلقها لم تكن حراما بل يحل له تزوجها ووطؤها بشرطه.
وإنما يقال حرام لمثل الميتة والدم ولحم الخنزير ويقال الظلم حرام وأما الأجنبية التي يباح نكاحها ومال الغير الذي يباح شراؤه فلا يطلق الحرام عليه بل يقال حرام بدون إذن المالك وإباحة الشارع ويقال حرام بغير نكاح وملك يمين ويقال أيضا حلال كما قال تعالى {4: 24 وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم} وقال {5: 5 اليوم أحل لكم الطيبات}.
فالمناكح والمطاعم التي يباح الانتفاع بها بوجه من الوجوه هي مما سماها الله حلالا ولم يسمها حراما ومن جعل ما أحله الله حراما فقد أتى منكرا من القول وزورا وهو كلام لا يمكن تحقيق موجبه ولا يحل التكلم به فلا يجعل سببا لما أباحه الله من الطلاق الذي فيه إرسال المرأة وإن قصد به الطلاق فليس له أن يقصد الطلاق بمثل هذا الكلام كما لو قال زواجي بك حرام وقصد به الطلاق أو عقد النكاح حرام ونوى به الطلاق أو قال وطؤك علي
Shafi 71